الاحتفالات بالمولد إحياء لذكرى النبي صلى الله عليه وسلم
يستدل المبتدعة بجواز الاحتفال بيوم مولده صلى الله عليه وسلم؛ بأن الاحتفالات المولد إحياء لذكرى النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا أمر مشروع؛ بدلالة أن أكثر أعمال الحج إنما هي لذكريات مشهودة ومواقف محمودة([1]).
الرد:
أولًا: لاشك أن إحياء ذكر النبي صلى الله عليه وسلم يعتبر من المقاصد الشرعية، وقد أخبرَ اللهُ تعالى أنه رفع ذكرَه، كما قال سبحانه: {أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ (1) وَوَضَعْنَا عَنْكَ وِزْرَكَ (2) الَّذِي أَنْقَضَ ظَهْرَكَ (3) وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ} [الشرح: 1-4]، وقد أمرنا اللهُ تعالى بالإكثار من الصلاة والسلام عليه؛ كما قال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [الأحزاب: 56].
وفي الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: »من صلَّى عليَّ واحدةً صلى اللهُ عليه عشرًا«([2])، وإنه لمن الإجحاف في حقِّ ذلك النبي الكريم أن يختص إحياء ذكره في يوم واحد تَلُفُّه السنة بأيامها ولياليها حتى لا يكاد يُرى!
ثانيًا: إن إحياء ذكره صلى الله عليه وسلم حقًّا يكون بإحياءِ سنتِه، وإظهار ما كان عليه، واتباعه في ذلك، أما إحداث أمرٍ في الدين لم يأتِ عن طريقِه فما ذاك بإحياء، وما ذاك إلا محاربة لسنته، وتغييب لمعالم ذكرِه، ولقد قالصلى الله عليه وسلم: »فمن رَغِبَ عن سُنتِي فليس منِّي«([3]).
ثالثًا: أن الاستدلال بأعمالِ الحجِّ، وأنها شُرِعَت لإحياء ذكريات مشهودة على إحياء ذكرى المولد لا يصلح؛ إذ أن تلك أمورٌ تعبدية لا يصحُ القياس عليها، وهي شُرعت لإقامةِ ذكرِ اللهِ تعالى عليها؛ كما قال النبيُّصلى الله عليه وسلم: »إنما جُعِلَ الطوافُ بالبيتِ وبين الصفا والمروة ورمي الجمارِ، لإقامةِ ذكرَ اللهِ«([4])، وعليه لا يصحُ أبدًا أن يستدل بذلك على تشريعِ عملٍ يوافقُ ذكرى من الذكريات لم يقم دليلٌ عليها من الشرعِ.
اضف تعليق!
اكتب تعليقك
تأكد من إدخال جميع المعلومات المطلوبة.