الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ثم أما بعد؛ يستدل المبتدعة بما رُوي عن الإمام سعيد ابن المسيب في تجويزه النشرة ـ السحر ـ؛ فقد جاء في صحيح البخاري عن قتادة قال: قلتُ لسعيد بن المسيب: رجلٌ به طِب ـ أي سحر ـ ويُؤخذ عن امرأته؛ أيُحل عنه أو يُنشر؟ قال: لا بأس به، إنما يريدون به الإصلاح، فأما ما ينفع الناس فلم يُنْهَ عنه«([1]).
الرد:
أولًا: العبرة والحجة في التحليل والتحريم هو كتاب الله تعالى وسُنة نبيه صلى الله عليه وسلم ، فما فيهما من حلال أحللناه، وما فيهما من حرام حرَّمناه، وليس قول أحدٍ من الناس حجة عليهما.
ثانيًا: ما ورد عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: »من أتى كاهنًا أو عرَّافًا فصدَّقه بما يقول؛ فقد كفر بما أُنزل على محمد « صلى الله عليه وسلم ([2]).
ثالثًا: كلام الإمام سعيد ـ رحمه الله ـ ليس صريحًا في النشرة بالسحر، بل ليس فيه دلالة أصلًا على ذلك، فغاية ما فيه أنه سُئِل عن حلِّ السحر عن المسحور فأجازه، وليس في ذلك ما يُفهم منه أنها نشرة سحرية.
رابعًا: النشرة لا تقتصر على السحر فقط، بل هي رقى يُرقى بها المسحور، فقد تكون بالسحر، وقد تكون بغيره من الرقى المشروعة أو المباحة، فيُحمل كلام الإمام ابن المسيب ـ رحمه الله ـ على هذا النوع الثاني من النشرة.
قال الإمام ابن القيم ـ رحمه الله ـ: »والنشرة: حلُّ السحر عن المسحور، وهي نوعان: حلُّ سحر بسحر مثله، وهو الذي من عمل الشيطان؛ فإن السحر من عمله، فيتقرَّب إليه الناشر والمنتشر بما يحب فيبطله عمله عن المسحور، والثاني: النشرة بالرقية والتعوذات والدعوات والأدوية المباحة، فهذا جائز بل مستحب، وعلى النوع المذموم يُحمل قول الحسن: "لا يحل السحر إلا ساحر"([3]).
الهوامش
اضف تعليق!
اكتب تعليقك
تأكد من إدخال جميع المعلومات المطلوبة.