الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ثم أما بعد؛ يلاحظ على ما ذكره معالي الدكتور عبد الوهاب أبو سليمان في هذا التحليل ما يلي:
الملحوظة الأولى: المفترض من معالي الدكتور أن يذكر هذه المقدمة[1] في الفصل الثاني "المتواتر من الأماكن المأثورة في المدونات التاريخية" وبلأخص عند كلامه على المبحث الثاني "المتواتر من الأماكن المأثورة في مدونات التاريخ المكي الخاص" وذلك لأنه يقول في افتتاح هذه المقدمة: "معظم المدونين للتاريخ المكي" فهذه محله المدونات التاريخية، ولأن المنهج الذي ذكره يختص بمن يكتب في التاريخ لا في الفقه، لأن من يكتب في الفقه سيذكر منهجه في كتبابته الفقهية، لا في المسائل التاريخة، وذلك لأن المسائل التاريخية ليسلت الأصل في كتابه، بل هي عارضة، ولو أن الفقيه المكي خصص فصلا للحديث عن هذه الأماكن فسيكون نقله مقتضيا بحكم أن الكلام فيها هو من قبيل الاستطراد وتكميل ذكر المسائل المتعلقة بالباب.
المحلوظة الثانية: لقد استوقفتني مقدمة الدكتور في هذا المبحث كثيرا، وذلك لقوة ما يدعيه معاليه من قضايا، فهو يذكر أن المدونين في التاريخ المكي حرصوا على ما يلي:
1-بيان الثابت الصحيح في دقة كاملة من هذه الأخبار.
2-حرص شديد على بيان الصحيح نسبته إلى النبي صلى الله عليه وسلم وصحابته رضي الله عنه غير الصحيح.
3- أن معظم دون المنهج العلمي لاختبار الصحيح منها والزائف في كتابات تاريخية موثقة من مدوناتهم[2].
وسبب تعجبي من هذه الأمور الثلاثة، أني قرأت كتابه هذا مرات متعددة، وهو في غالبة عبارة عن مجموعة من النقولات من هذه الكتب مع شيء من التحليل لها، ومع هذه القراءة المتأملة لم أجد يذكر دليلا واحدا منهم على تواتر أكثر الأماكن التي أراد معالي الدكتور إثباتها، ولم يدعوا هم ما نسبه إليه علاوة على ذلك أن من المعروف لدى أهل العلم أنهم يتساهلون في باب الأخبار والتوابيخ، بل في أعظمها وهي سيرة المصطفى صلى الله عليه وسلم، ولا يهتمون بالصحة والضعيف فيها، كما هو الحال في باب الحلال والحرام، يقول ابن جرير رحمه الله في تاريخيه: "ومعلوم أن المؤرخين لا يهتمون بالسند وصحته، وإنما ينقلون ما يبلغهم ويجعلون العهدة على من حدثهم"[3].
فهذه مؤشرات تدل على عدم صدق ما ادعاه معالي الدكتور في هذه النقاط الثلاثة، ومع هذه قلت في نفسي لعل استنتاجي غير صحيح فأين أنا من علم معالي الدكتور فهو من هو، ولعل قول ابن جرير رحمه الله لا ينطبق على التاريخ المكي، وإن كان منطبقا على السيرة النبوية، مكية ومدينة؟ وحتى لا أتجنى على معالي الدكتور بالحكم- وليس هذا بخلق ولا أدب لأهل العلم-؛ فقد عزمت على التحقيق من كلام معالي الدكتور بنفسي، فنظرت فيما نقله عن هؤلاء المؤرخين، فوجته نقل عن ثلاثة عشر كتابا منها أربعة قد أسهب في النقل والتحليل لها، وكتابان نقل عنهما باختصار، والكتب السبعة الباقية ذكر أنها نقلت ولكن لم ينقل منها شيء أو نقل منها شيء ليس ذا بال، فعمد إلى أربعة كتب من المدونات التاريخية لمكة من التي نقل عنها معالي الدكتور في كتابه في مواضع متعددة ومتكررة، وكان اختياري لها كعينة عشوائية لتحقق ممن دعوى معالي الدكتور، وكانت الكتب هي:
1-"أخبار مكة وما جاء فيها من الآثار" أبي الوليد محمد بن عبد الله بن أحمد الأزرقي (223هـــ).
2-"أخبار مكة في قديم الدهر وحديثه" لأبي عبد الله محمد ابن إسحاق الفاكهي (245هـــــ).
3-"شفاء الغرام بأخبار البلد الحرام" لأبي الطيب تقي الدين محمد بن أحمد الفاسي (775-832هـــــ).
4-"الأرج المسكي في التاريخ المكي وتراجم الملوك والخلفاء" لعلي بن عبد القادر الطبري (1070هــــ).
والثلاثة الأولى هي من الكتب التي أسهب معالي الدكتور من النقل منها فيما يخص الموضوع، وأما الكتاب الرابع هنا و ممن نقل عنه باختصار، وبذلك أكون قد تكلمت على الفئتين التي نقل منها معالي الدكتور: فئة من أسهب في النقل عنه، وفئة من اختصر في النقل عنه.
فقرأت مقدمات هذه الكتب، واطلعت على المواطن الخاصة بالأماكن التي يريدها معالي الدكتور، وهي ما منها نقله الدكتور في كتابه، وبعد النظر والتأمل فيها صدمت بما يلي:
-أن الأزرقي ليس لديه مقدمة في كتابه، بل أول ما بدأ به كتابه هو العنوان التالي:" ذكر ما كانت عليه الكعبة فوق الماء قبل أن يخلق الله السموات والأرض وما جاء في ذلك" ومعنى هذه أنه يدون منهجه، بل على الباحث أن يستنبط منهجه من مجموع قراءته.
-لم يكن هناك حرص شديد من الأزرقي على بيان الصحيح نسبته إلى النبي صلى الله عليه وسلم وصحابته رضي الله عنهم وبيان غير الصحيح، ولو كان الأمر كما يذكر معالي الدكتور لوجدناه سالك مسلك النظر في الأسانيد وتمحيص الرجال، ولكن لم يكن هناك شيء من هذا أصلا في كتابه وهو مطبوع يمكن لأي قارئ أن ينظر بنفسه ليرَ فيه نفس المؤرخ لا المحدث، بل إن طالب العلم بالحديث الشريف ليعلم تماما أن الأزرقي في كتابه هذا ليس من أهل هذا الشأن، فما أدري من أين استنبط معالي الدكتور أن الأزرقي حرص على بيان الصحيح نسبته إلى النبي صلى الله عليه وسلم وصحابته رضي الله عنهم وبيان غير الصحيح، بل المتأمل يدرك حقيقة أن هذا الكلام من معالي الدكتور هو محض وهم لا وجود له في الواقع أبدا.
-لم يكن الأزرقي مهتما ألبه بيان الثابت الصيح في دقة كاملة من هذه الأخبار ففي المقطع الذي نقله منه معالي الدكتور فقط كرر الأزرقي لفظة "يقال" تسع مرات، ولم يتعرض لها بنقد، مع أن لفظ "يقال" في اعتبار معالي الدكتور من صيغ التمريض ما مر معنا، فطريقته هي طريقة الأخباريين التي ذكرها ابن جرير بقوله:" ومعلوم أن المؤرخين لا يهمون بالنسد وصحته، وإنما ينقلون ما يبلغهم ويجعلون العهدة على من حدثهم"[4].
وأقول: غفر الله لمعالي الدكتور فأي دقة كاملة يتحدث عنها، ولو أنه كلف نفسه النظر فيما نقل من كتاب الأزرقي لما ادعى شيئا سيسيء إلى مكانته العلمية، وليته إذ لم يكن له باع في علم الحديث أن يسأل أهله، فرحم الله امرأ عرف قدر نفسه.
-أما كتاب الفاكهي فالجزء الأول منه مفقود، وهذا الجزء هو الذي يحوي مقدمة المؤلف التي يفترض أن يكون قد كتب فيها منهجه، وبهذا لا ينبطق عليه قول معالي الدكتور:" أن معظم دون المنهج العلمي لاختيار الصحيح منها والزائف في كتابات تاريخية موثقة في مدوناتهم"[5]، لأن الجزء مفقود ولا نستطيع الحكم هل كتب مقدمة لكتابه أم لا؟ وهو كتب في المقدمة منهجه أم لا؟ فالحكم لا بد من أن يكون بعلم، ومعنى هذا أن على الباحث أن يستنبط منهجه من مجموع قرأته، ولذا حاول محقق الكتاب الباحث أن يستنبط منهجه من مجموع قرأته، لذا حاول محقق الكتاب د.عبد الملك بن دهشيش استنباط منهج المؤلف من مجموع الكتاب[6].
وإذا كان الأمر كذلك فلا يمكن لمعالي الدكتور بأن ما كتبه محقق الكتاب د. عبد الملك يعد هو منهج الؤلف، فسنجده يقول:" أنه لم يلتزم إخراج الصحيحة فقط من الأحاديث والآثار والأخبار، بل أخرج الصحيح من الحديث وهو الغالب على ما رواه مرفوعا، وقد يخرج الضعيف، وقد يخرج الموضوع، وهو قليل جدا، إلى أن قال: وأما الأخبار فلم يلتزم فيها التزم في المرفوع، فقد يخرج المقطع والتالف من الأسانيد"[7].
وإذا كان الأمر كذلك فكيف يحق لمعالي الدكتور أن يقول:" بيان الثابت الصحيح في دقة كاملة من هذه الأخبار"[8]، فأي دقة في إخراج المنقطع والتالف من الأخبار؟؟؟
-وأما كتاب الفاسي"شفاء الغرام بأخبار البلد الحرام" فقد كتب منهجه بحمد الله وقد قرأت منهجه في مقدمة كتابه أكثر من مرة لانظر إلى اشتراطه بيان الثابت الصحيح في دقة كاملة هذه الأخبار، فلم أجد من ذلك شيئا، وأقرب ما وجدته في ذلك هو قوله:" فعرفت طرفا جيدا من ذلك كله، بعضه من كتب التاريخ، وبعضه علمته من رخام وأحجار وأخشاب مكتوب فيها ذلك، ثابته في الأماكن المشار إليها، وبعضه علمته من أخبار الثقات، وبعضه شاهدته، وعلق ذلك كله بذهني"[9]، ولو تأملنا في مصادر المعرفة عند الفاسي من هذا النص الذي ذكر أنه منهجه سنجد أن مصادر المعرفة هي:
1-كتب التاريخ وهذا يعني التساهل في الأخبار من المنقطع والتالف كما هو معلوم لدى أهل العلم من منهج المؤرخين، وكما قرر ابن جرير بقوله:"ومعلوم أن المؤرخين لا يهتمون بالسند وصحته، وإنما ينقلون ما يبلغهم ويجعلون العهدة على من حدثهم"[10].
2- المكتوب على الرخام أو الأحجار أو الأخشاب وهذا يشبه ما هو معروف لدى المحدثين"بالوجادة": وهي أن يجد الشخص أحاديث بخط راويها سواء لقيه أو سمع منه، أو لم يلقه ولم يسمع منه، أو أن يجد أحاديث في لمؤلفين معرفوين، ففي هذه الأنواع كلها لا يجوز له أن يرويها عن أصحابها، بل يقول: وجدت بخط فلان، إذا عرف الخط ووثق منه[11].
وهي ليست من أنواع الرواية، ولا يجيز معظم المحدثين العمل بها، ويشترط بعض الشافعية للعمل بها أن تحصل الثقة بخط الشيخ الذي يعرفه، وأن يكون هذا الشيخ ثقة، وأن يكون السند صحيحا[12].
فإذا تنزلنا وقلنا بجواز العمل بالوجادة بالشروط التي ذكرت ثم طبقنا ذلك على ما حكاه الفاسي فسنجد أن الفاسي لا يعرف الكتاب على الرخام أو الأحجار أو الأخشاب، فحكم ما وجده الضعف قطعا لجهالة كاتبه، بل من قال: إن هذه ليست وجادة كان أولى بالصواب.
3-إخبار الثقات، وهذا لابد فيه أن يكون السند من هذا الثقة إلى الواقعة صحيحا، فمجرد إخبار الثقة لا يكفي فكثيرا ما يخبر الثقة عن أشياء يكون الخلل فيها عن الرواة الذين أخذ منهم، ومثال هذا في السنة كثيرا فضلا عن الأخبار والتواريخ.
4-المشاهدة الشخصية وهذه لا تغني من الحق شيئا بذاتها، بل لابد معها من سند صحيح، فمشاهدتنا لجبل الصفا لا تعني إثباته، وإنما تعني رؤيته، وأما إثباته فيكون بالسند الصحيح الذي تناقلته الأجيال فمشاهدات الفاسي إن لم يذكر معها ما يصحح به ما شهده فلن تغن شيئا ولن يعتد بها، فالفاسي مثلا، شاهد مولد جعفر الصادق، وقال عنه:" والله أعلم بحقيقة ذلك"[13].
فكيف بعد هذا يمكن أن نقول إن الفاسي يعتمد بيان الثابت الصحيح في دقة كاملة من هذه الأخبار؟ آمل من معالي الدكتور ان يراجع نفسه وفقه الله لكل خير.
-عندما تأملت بعض النصوص التي نقلها معالي الدكتور عن الفاسي في بعض الأماكن التي يريد إثباتها وجدت الفاسي يقول:" يقال: إن النبي صلى الله عليه وسلم فيه صلى فيه المغرب"[14]،"وهو من المساجد التي صلى فيها النبي صلى الله عليه وسلم على ما يقال"[15]، "ويقال إنه من التي هاجر منها إلى المدينة"[16]،" يقال إن النبي صلى الله عليه وسلم صلى فيه"[17]، "وهذا المسجد ينسب إلى النبي صلى الله عليه وسلم على ما يقال"[18].
فلا يستقيم الحرص الشديد على تزييف الكاذب وبيان الصحيح مع عبارة "يقال" وخاصة في باب التصحيح والتضعيف، هذا ما يوقع معالي الدكتور في إحراج واضح، لأنه كان يقول: إن لفظ "يقال" تدل على ضعيف القول[19]، ولفظه "يقال" التي كررها الفاسي هنا تدل على عدم وثوقه من هذه النصوص مع إصرار معالي الدكتور على أنها الأماكن المتواترة، فإما أن نعتب على الفاسي على عدم نقل القول بلفظ التأكيد وعدوله إلى ألفاظ التمريض، أو نعتب على معالي الدكتور على اعتماده على ألفاظ التمريض[20].
-هناك من المواطن التي لم يتعرض لها بتصحيح ولا تضعيف وهي كثيرة جدا، منها على سبيل المثال: قوله في مولد عمر بن الخطاب:" ولا أعلم في ذلك شيئا يستأنس به"[21]، وعدم العلم ليس تصحيحا ولا تضعيفا، وكذلك قوله في مولد جعفر الصادق:" والله أعلم بحقيقة ذلك"[22]، وعدم العلم ليس تصحيحا ولا تضعيفا.
فكيف يقال بعد ذلك أن الفاسي حريص على بيان الثابت الصحيح في دقة كاملة من هذه الأخبار، أو يقال إنه دون المنهج العلمي لاختبار الصحيح منها والزائف في كتابات تاريخية موثقة في مدوناتهم[23].
-أما "الأرج المسكي في التاريخ المكي وتراجم الملوك والخلفاء" فإنه مؤلفه علي الطبري عندما يذكر الأحاديث النبوية لا يذكر من خرجها ولا يذكر لها سندا ولا يحكم عليها بصحة أو ضعيف، وقد راجعت ذلك في كامل كتابه، فإذا كان هذا حاله مع الأحاديث، فكيف سيكون حاله مع الآثار، بل كيف سيكون حاله مع الأخبار وهي محط التساهل، فهل يعقل أن يقال إنه حريص على بيان الثابت الصحيح في دقة كاملة من هذه الأخبار، وأن له حرص شديد على بيان الصحيح نسبته إلى النبي صلى الله عليه وسلم وصحابته رضي الله عنهم وبيان غير صحيح.
وفي ختام هذه الملحوظات أطلب من معالي الدكتور حذف هذه المقدمة الخاطئة تماما، تواضعا للحق، وحفاظا على مكانته العلمية، وحماية للأجيال من أن تضل أو تضل أو تفتن بمثل هذه المقدمة التي ستجعلونها يقدسون ما كتب في هذه المدونات من أخطاء ويعتقدون صحتها.
الملحوظة الثانية: أراد معالي الدكتور أن يدافع ويفضي الشرعية في تحليلة العلمي للعناوين الفقهية في كتابات الفقهاء للأماكن المأثورة المتواترة في مكة المكرمة حيث يقول بعد ذكره للعنواين في صياغات مختلفة:" وردت لدى بعض الفقهاء عبارة"الاستحباب" في صياغة فقهية صريحة، هذه الكلمة حين يطلقها الفقهية فإنه يعني معناها الفقهي الاصطلاحي:" الثواب على الفعل، والتجاوز عن الترك"[24].
ولعله قد غاب عن معالي الدكتور أن القضية ليست في إثبات هذا المصطلح في صياغته الفقهية، بل القضية في إثبات الدليل على هذا المصطلح في صياغته الفقهية، وذلك أن هذا المصطلح هو حكم تكليفي لابد في إثباته من دليل، أو تعليل يستند إلى دليل، فكما هو معلوم لدى كل طالب علم أن المستحبات هي عبادات، لأن العبادة: هي كل ما أمر الله به وجوبا أو استحبابا، وما نقله معالي الدكتور هنا عن هؤلاء العلماء الأجلاء لم يذكر لا هو ولا هم، فيه دليلا على الاستحباب، لذا كان لزما على معالي الدكتور أن يبين ما ذكروه ليس بصواب لعدم الدليل عليه، ولكن معالي الدكتور عفا الله عنه، انتهج عكس القضية وأثبت الاستحباب بلا دليل، ثم طالب بالتجرد والإنصاف، ولا أدري هل سيكون الإنصاف والتجرد إذا تركنا الدليل؟ وكيف سنجيب إذا جاءنا أحد وقال: تجب زيارة هذه الأماكن المباركة؟
فكلا الطائفتين أدعت حكما بلا دليل، وليس أحدهما بأحق من صاحبه.
الملحوظة الثالثة: في قول الدكتور:" ومما ينبغي أن يحذر منه في هذا المجال أن لا يساء فهم كلام الفقهاء السابقين، على الحث على القيام بأعمال تتنافى مع صفاء العقيدة"[25].
فنحن لا نريد أن نسيء فهم كلامهم، ولا أن نسيء إليهم فهم إعلام أفذاذ من واجب طلبة العلم الترحم عليهم والثناء عليهم والدعاء لهم، ولكن نريد أن نبين أنهم دعوا إلى شيء لا دليل عليه، فهم ليسوا بمعصومين، وكل يؤخذ من قوله ويترك إلا النبي صلى الله عليه وسلم، ومن واجب أهل العلم بيان الحق ولا يعني هذا انتقاص الآخرين، مع أن ما يدعون إليه يتنافى مع صفاء العقيدة.
الملحوظة الرابعة: قول معالي الدكتور :" ومما هو مسلم أن الأمكنة تتفاضل بحسب من حل بها، وما حل فيها"[26].
فهذا ليس بمسلم، بل هو خطأ فادح، فالأماكن تفاضل بحسب ما جاء فيها من دليل عن المصعوم صلى الله عليه وسلم، فالحمامات ودورات المياه مثلا، يدخلها الصالحون والأبرار ولا فضل فيها، والمساجد يدخلها الفسقة والمنافقون وغيرهم وهي أماكن شريفة، وإذا أردنا أن نطبق قاعدة معالي الدكتور فيلزم أن تكون الحمامات بمجرد دخول الصالحين والأبرار فيها، أن تكون أماكن فاضلة تستحب زيارتها، والدعاء فيها رجاء بركتها، ولايقول بهذا عاقل.
الملحوظة الرابعة: وأما استدلاله بقول الشريف" إن الأعمال تشرف بشرف الأزمنة، كما تشرف بشرف الأمكنة، ويوم الجمعة أفضل أيام الأسبوع فوجب أن يكون العمل فيه أفضل أيام الأسبوع فوجب أنيكون العمل فيه أفضل"[27]، فخطأ لأن معالي الدكتور لم يفهم قول الشريف على وجهه، فالشريف يقول: إن الأعمال تشرف بالزمان والمكان المبارك، لا كما حكا معالي الدكتور أن الزمان والمكان يشرفان بالعمل المبارك أو الرجل المبارك، وهو على عكس كلام الشريف.
[1] انظر: الأماكن المأثورة المتواترة في مكة المكرمة عرض وتحليل (96).
[2] المرجع السابق.
[3] انظر: تاريخ الطبري (15).
[4] انظر: تاريخ الطبري (15).
[5] انظر: الأماكن المأثورة المتواترة في مكة المكرمة عرض وتحليل (96).س
[6] انظر: أخبار مكة في قديم الدهر وحديثه للفكاهي (1/44-55).
[7] المرجع السابق (1/50).
[8] انظر: الأماكن المأثورة في مكة المكرمة عرض وتحليل (96).
[9] انظر: شفاء الغرام بأخبار البلد الحرام للفاسي(1/40).
[10] انظر: تاريخ الطبري (15).
[11] انظر: الباعث الحثيث لأحمد شاكر (1/371-372).
[12] المرجع السابق(1/373).
[13] انظر: شفاء الغرام بأخبار البلد الحرام (1/489).
[14] انظر: الأماكن المأثورة المتواترة في مكة المكرمة عرض وتحليل (53).
[15] المرجع السابق (55).
[16] المرجع السابق (55).
[17] المرجع السابق (55).
[18] المرجع السابق(55).
[19] المرجع السابق(56).
[20] المرجع السابق (30).
[21] انظر: شفاء الغرام بأخبار البلد الحرام الفاسي(1/489).
[22] المرجع السابق.
[23] الأماكن المأثورة المتواترة في مكة المكرمة عرض وتحليل (96).
[24] المرجع السابق (97).
[25] المرجع السابق (103).
[26] المرجع السابق(103).
[27] المرجع السابق.
اضف تعليق!
اكتب تعليقك
تأكد من إدخال جميع المعلومات المطلوبة.