الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ثم أما بعد؛
مظاهر التواتر المحلي
أكثر معالي الدكتور عبد الوهاب أبو سليمان من دعوى التواتر بطريقة لم يستطع معها تطبيق قيود التواتر العلمية على دعواه، لذا سأقف مع الدعوى التي كررها معالي الدكتور في كتابه عشرات المرات، بمسميات جديدة، لم تكن عند أهل العلم السابقين، إذ تارة يسميه التواتر العلمي، وتارة التفاخر المحلي، تارة الشفهي.
الوقفة الأولى: أن اسم الكتاب يفهم القارئ أنه جامع للأماكن المأثورة مع أن ما ذكره معالي الدكتور قليل جدًا، وذلك أن كل ما وجد الآن مما مضى عليه أكثر من مائة سنة يعتبر مأثور، فينبغي أن يعدد حارات أهل مكة، وما فيها من بيوت، وما أزيل منها وما بني مكانها، وكذلك القلاع والشوارع والمساجد والأسواق والمجامع والمكتبات والمقابر، وهذا مما يستحيل حصره مع صحة دخوله تحت تسمية معالي الدكتور بالمأثور.
الوقفة الثانية: يلزم معالي الدكتور عبد الوهاب أبو سليمان حتى ينهي الإشكال الوارد في الوقفة الأولى أن يذكر ضابطه في تحديد المأثور، هل يريد به ما كان على عهد النبي صلى الله عليه وسلم فما بني بعد القرن الأول كمسجد الحرس مثلا لا يعد مأثورا؟ أم يريد المساجد فقط؟ فهناك مساجد لم يذكرها كالمسجد الحرام وهناكك بيوت ذكرها كبيت المولد مع أن المراد المسجد، أم يريد بيوت الصالحين؟ فهو لم يتطرق لبيت عثمان وطلحة والزبير وغيرهم كثير ممن كانت بيوتهم حول الكعبة، أم يريد بيوت الخلفاء؟ فلم يتطرق لشيء من ذلك.
والخلاصة أن على الدكتور عبد الوهاب أبو سليمان أن يوضح مقصده، وأن يذكر ضابطه بوضوح ودقة، لأن كل من يقرأ كتابه يجده يكرر أشياء لا يربط بينها رابط صحيح، وأتساءل هل سيكون عند معالي الدكتور ضابط واضح، ومنهج منضبط في حصر الأماكن.
الوقفة الثالثة: أن معالي الدكتور خص الذكر ببعض البيوت، كبيت المولد وبيت فاطمة من المساجد ومغارتان، ولم يتطرق إلى ذكر ما هو أهم منها كالمسجد الحرام وما فيه، والمشاعر: عرفات والمزدلفة ومنى، كما أنه لم يتطرق إلى ذكر الأماكن المذكورة في السنة النبوية كثبير وعرنة والحجون وكداء وكدي...الخ، مع أنها كلها من الأماكن المأثورة المتواترة.
الوقفة الرابعة: أنه أهمل كثيرًا من الأماكن المأثورة وهي موجودة، واهتم بذكر كثير من الأماكن وهي الآن مندثرة كما سيصرح به معالي الدكتور، ولا فائدة كبيرة ترجي من ذكرها.
الوقفة الخامسة: الاهتمام الكبير بمولد النبي صلى الله عليه وسلم مع أنه لم يثبت ولا يصح فيه دعوى التواتر لوجود الخلاف القائم في تحديده، وعدم ذكره واهتمامه بالأماكن المتواترة التي تعبدنا الله بها كالمقام والصفا والمروة، بل هذا الفصل قد عقده معالي الدكتور لإثبات تواتر مكان المولد بشكل كبير، ومن الغريب أنه لم يتطرق فيه لإثبات أي مسجد من المساجد التي قد ذكرها سابقا، فما هو السر عند معالي الدكتور بالاهتمام بمكان المولد، بشكل مستَغربٍ وتركه لما هو أعظم المسجد الحرام.
اضف تعليق!
اكتب تعليقك
تأكد من إدخال جميع المعلومات المطلوبة.