الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ثم أما بعد؛ لم تقتصر الرافضة على ابتداع عيد الغدير فحسب، بل ابتدعوا أعيادًا أخرى، تنبع على أساس معتقدهم وحقيقة مذهبهم، ومن أشهر تلك الأعياد يوم استشهاد الفاروق الخليفة الراشد عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -، ويعرف هذا العيد عندهم بعيد "بابا شجاع"، ويعنون بهذا الاسم "أبا لؤلؤة المجوسي" - لعنه الله - قاتل عمر - رضي الله عنه -، ويرونه من أفضل الخلق، وأنه بالمنزلة العالية بذلك الفعل.
ويُعَدُّ هذا الاحتفال من أعظم أعياد الرافضة، فيسمونه بالعيد الأكبر ويوم المفاخرة، ويوم التبجيل، ويوم الزكاة العظمى، ويوم البركة والتسلية([1])، ويكون هذا الاحتفال في يوم التاسع من ربيع الأول الذي يزعمون فيه قتل عمر - رضي الله عنه –([2]).
قال الشيخ أحمد بن حجر آل بوطامي - رحمه الله -: (ومن بدعِ الشيعةِ وضلالِهم: أنهم يحتفلون في ليلةِ مقتلِ عمرَ - رضي الله عنه - وهو الثامن عشر من ذي الحجة([3])، ويُظْهِرون الفرحَ والسرورَ، ويلعنون عمرَ بن الخطاب، ويصورونه بصورةٍ قبيحةٍ تجتمعُ عليه الرجالُ والنساءُ والصبيان ويرمونه بالحجارة، ويهنئُ بعضُهم بعضًا بذلك اليوم الذي قُتِلَ فيه عمر - رضي الله عنه - ويعظِّمون أبا لؤلؤة المجوسي، يرون أنه من أفضل خلقِ الله، وأنه نالَ المنزلة العالية بقتله عمر - رضي الله عنه -.
تفكَّر أيها العاقل أنهم عمدوا إلى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من المهاجرين والأنصار الذين ساعدوا الرسول صلى الله عليه وسلم، ونصروا دين الله، فقد ساعد المهاجرون الرسولَ الكريم، لا سيما أبي بكر - رضي الله عنه -، في يومٍ كان الرسولُ وحيدًا، ليس معه أحد على هذا الدين إلا أبا بكر وخديجة وعليًّا وكان صغيرًا، وزيد بن حارثة، في يومٍ اشتد فيه أذى المشركين وتعاونوا وتضافروا على إهانت،ه وعلى وضع العقبات في نشر دينه، وأخيرًا على قتله؟!
ماذا يُلْجِئ أبا بكرٍ في ذلك اليوم وهو يتحمل العذاب من قريش وينصر الرسول صلى الله عليه وسلم؟! هل كان الرسول حاكمًا حتى يَتَزَلَّفَ إليه؟! هل كان غنيًّا حتى يُقال أنه طامعٌ في مالِه؟! أما كان رسول الله فقيرًا؟! أما كان وحيدًا؟! أما تكالبت عليه قريش؟!
وعندما أسلم عمرُ بن الخطاب وعبد الرحمن بن عوف وعثمان بن عفان - رضوان الله عليهم -، ماذا كانوا يرجون من الرسول صلى الله عليه وسلم؟! والله ما كانوا يرجون إلا أن يقبل اللهُ توبَتهم عن كفرهم السابق، ويمنَّ عليهم بحسن الخاتمة ودخول الجنة.
هل يُقال إن هؤلاء منافقون في عصر الرسول ثم ارتدوا بعده؟! المنافقُ يُظْهِرُ الإسلامَ ويُبْطِنُ الكفرَ في وقتٍ يكون ضعيفًا بالنسبة للمسلمين، أما إذا كانت الدولة للكفار والغلبة لهم فأي معنى هنا للنفاق هذا؟! ثم إذا كانوا ارتدوا فلماذا جاهدوا في سبيلِ الله، وأدخلوا ملايين الناس في دين الإسلام؟!
اللهمَّ إن قولهم جور لا يقبله الإنصافُ والعدلُ، وإن الخوارج الذين ناصبوا عليًّا العداء وقَاتِلَه عبد الرحمن بن ملجم الخارجي لأعقل من الشيعةِ؛ لأنهم لا يحتفلون بيومِ قتلِ علي، وإن كانوا يعتقدون خطأه وفسقه، ولكن هؤلاء القوم لا عقلَ لهم ولا دينَ ولا حياء، ولو كان عندهم مسكة من العقلِ والحياءِ لما فعلوا هذه الأفاعيل السيئة الشنيعة: الاحتفال بيومِ الغدير، وقتل عمر، والمآتم والأحزان بقتل الحسين، هذه الأمور التي تشوِّه محاسنَ دين الإسلام وتؤلب الأعداء علينا، وتكون سببًا مانعًا لدخول كثيرين في دين الإسلام، إذا قيل إن هؤلاء مسلمون، وإن دينهم يأمرهم بمثل هذه الأعمال.
ومن هنا؛ يتضح أن جنايتهم على الدين كبيرة، وتفسيقهم للصحابة ولعنهم تكذيبٌ للقرآن الذي أثنى عليهم في خمس وعشرين آية، وللأحاديث الصحيحة الواردة في فضلهم، وإجماع المسلمين على ذلك، وأنهم خرجوا من دائرة العقل والإنصاف والحياء، وشكَّلوا عقبةً كؤود لعدم دخول الغير في الدين والتشرف بالانتماء إليه، هدانا الله وإياهم إلى الصراط المستقيم.
وخلاصة الكلام: أن ما سوى عيد الفطر والأضحى اللذين نصَّ عليهما الحديث في رواية أبي داود، فكل الأعياد التي غيرهما محدثة ومبتدعة كالأعياد التي ذكرناها؛ وكعيد العلم، وعيد الأم، وعيد الشجرة، وعيد الأسرة، وعيد يوم ولادة الابن، وعيد ميلاد الرسول، وعيد ميلاد الأولياء، فكلها مبتدعة ومحرمة في دين الإسلام لمشابهتهم الكفار في أعيادهم([4]).
اضف تعليق!
اكتب تعليقك
تأكد من إدخال جميع المعلومات المطلوبة.