أ. رضا جمال
الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاة والسَّلام على أشرف المرسَلين، وعلى آله وصحبه ومَن سار على هديه إلى يوم الدِّين، أما بعد: فإنَّ الكلام على مدْح سيِّد البشر - صلَّى الله عليه وسلَّم - مما يَعجِز اللسان فيه عن الكلام، ويقف القلم عنده عن الكتابةِ والبيان! ولكن حسبُنا في هذا المقال أن ننال شرَف الكلام على سيِّد ولد آدَم ولا فخر، وخليل الرَّحمن - صلَّى الله عليه وسلَّم - خير مَن قُرِضت في حقِّه المدائح، وأَوْلَى مَن صدَح بالثناء عليه الصادِح.
مدخل:
كانت العرَبُ قبل مَبعثِ النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - تحيا في ظلمات وجهل وحرب وتناحر على أتفه الأسباب؛ يشركون بالله - عزَّ وجلَّ - ويئدون بناتهم ظلمًا وجهلاً... إلى غير ذلك ممَّا كانوا عليه مِن الجهل والظلم، بلْهَ والشرك والكفر بالله العظيم، ومع ذلك كانوا أصحابَ فصاحةٍ وبيان، ويتبارون بالأشعار في أسواقهم، وتُحفظ مقولتهم مدحًا وذمًّا، وتظلُّ عالقةً بمَن قيلت فيه، وما خبَر أنْف الناقة والذَّنَب ببعيد، وخبَر بنيَّات الرجل العربي الثمان - الذي نحَر ناقتَه للأعشى فمدحه ومدَح بنياتِه فتسابقت العرب وسارعت إلى زواجهنَّ - بخافٍ!
فلمَّا أشرقتْ شمسُ نبوَّته - صلَّى الله عليه وسلَّم - على العرَب وهم على هذه الحال، أبهر فُصحاءَهم وشعراءَهم، بحسن أخلاقه وعفَّته وأمانته، بل بديهته وفقط كانتْ تأسِر القلوب والأفئدة:
لو لم تَكُن فيه آيَةٌ مبيِّنة *** لَكَانَتْ بَديهَتُه تَأْتِيكَ بِالخَبَرِ!
فما كان مِن هؤلاءِ الشعراء إلا أن قَصَدوه بالمدح والثناء، ومدحه والثناء عليه ليس كأي مدح وثناء؛ فقدْ تميَّز مدحُ النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - عن مدح الممدوحين طرًّا بالصِّدق والإخلاص؛ إذ مدْحُ الملوك والعظماء وغيرهم كان غالبًا لنيل العَطاء، أو لدفْع البلاء! أما مدح النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - فلم يكُن إلاَّ محبَّة وصِدقًا.
تتبُّع تاريخي لظاهرة المدائح النبوية:
وكان مِن أوَّل من مدح النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - مِن شُعراء العرَب الأعشى على خلاف في ذلك مثنيًا على كرمه بقوله في مطلع قصيدته الدالية:
أَلَم تَغتَمِض عَيناكَ لَيلَةَ أَرمَدا *** وَعادَكَ ما عادَ السَليمَ المُسَهَّدا
كذلك النابغة الجعدي أنشأ قَصيدةً مَدَح فيها المصطفى - صلَّى الله عليه وسلَّم - ومنها قوله:
أَتَيتُ رَسُولَ اللَهِ إِذ جاءَ بالهُدى *** وَيَتلُو كِتابًا كالمجرَّةِ نَيِّرَا
وكذا مدَحه عمُّه أبو طالب قائلاً:
وَأَبَيضَ يُسْتَسقَى الغَمامُ بِوجَهِه *** ثُمالُ اليَتامَى عِصمةٌ للأَرامِلِ
وممَّا ذاعت شهرتُه وكثرت عنه الأنباء، وتَداوله بالشَّرْح والتفسير العلماءُ والأدباء، قصيدةُ كَعْب بن زهير في مدح سيِّد الأنبياء، التي كان من أمرها أن سمعها منه النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - وبعدها كافأه بأن خلع بردته وألبسه إياها(1)؛ يقول في مطلعها:
بانَت سُعادُ فَقَلبي اليَومَ مَتبولُ *** مُتَيَّمٌ إِثرَها لَم يُجزَ مَكبولُ
وَما سُعادُ غَداةَ البَينِ إِذ رَحَلوا *** إِلّا أَغَنُّ غَضيضُ الطَرفِ مَكحولُ
ومنها قوله:
أُنبِئتُ أَنَّ رَسولَ اللَهِ أَوعَدَني *** وَالعَفُوُ عِندَ رَسولِ اللَهِ مَأمولُ
مَهلاً هَداكَ الَّذي أَعطاكَ نافِلَةَ الـ *** ـقُرآنِ فيها مَواعيظٌ وَتَفصيلُ
وقوله:
مَا زِلتُ أَقتَطِعُ البَيداءَ مُدَّرِعًا *** جُنْحَ الظَلامِ وَثَوبُ اللَيلِ مَسبولُ
حَتّى وَضَعتُ يَميني لا أُنازِعُهُ *** فِي كَفِّ ذي نَقِماتٍ قيلُهُ القيلُ
إلى آخر ما قاله.
ومَع انبلاجِ نور الحقِّ وخوف أهلِ الباطِل مِن دحْر ظُلماتهم التي جثَمتْ على صدور الناس هب شعراء أهل الشك والضلال يَهجُون النبيَّ المختار - صلَّى الله عليه وسلَّم، فانبرَى له مِن أتباعه الأوفياء، وأنصاره الأتقياء، مَن يذود عنه بالعِرْض وباللِّسان، وعلى رأسهم الشاعِر الهُمام، والمنافح الضرغام حسان بن ثابت - رضي الله عنه - الذي لقب بشاعر الرسول؛ من كثرة ما قال في مدحه والدِّفاع عنه؛ يقول في همزيته الرائعة:
وَقالَ اللَهُ قَد أَرسَلتُ عَبدًا *** يَقولُ الحَقَّ إِن نَفَعَ البَلاءُ
شَهِدتُ بِهِ وَقَومي صَدَّقوهُ *** فَقُلتُم ما نُجيبُ وَما نَشاءُ
أَلا أَبلِغ أَبا سُفيانَ عَنِّي *** فَأَنتَ مُجَوَّفٌ نَخِبٌ هَواءُ
هَجَوتَ مُحَمَّدًا فَأَجَبتُ عَنهُ *** وَعِندَ اللَهِ في ذاكَ الجَزاءُ
أَتَهجوهُ وَلَستَ لَهُ بِكُفءٍ *** فَشَرُّكُما لِخَيرِكُما الفِداءُ
هَجَوتَ مُبارَكًا بَرًّا حَنيفًا *** أَمينَ اللَهِ شيمَتُهُ الوَفاءُ
فَمَن يَهجو رَسولَ اللَهِ مِنكُمْ *** وَيَمدَحُهُ وَيَنصُرُهُ سَواءُ
إلى غير ذلك مما يطول المقام بذِكْره...
وظلَّ الشعراء في كلِّ عصرٍ ومِصر على هذا المنوال؛ يمدحون النبي المختار، ففي العصر الأُموي نرَى مِن أهمِّ شعراء المديح النبوي في هذا العصر الفَرزدق، ومِن قصائده الرائعة: الميمية التي نوَّه فيها بآل البيت، واستعرَض سموَّ أخلاق النبيِّ الكريم وفضائله؛ يقول في مطلعها:
هَذا الَّذي تَعرِفُ البَطْحاءُ وَطْأتَه *** وَالبَيـتُ يَعرِفه والحِلُّ والحـَرمُ
ثم يأتي الشريفُ الرضيُّ، الذي يذهب مذهبَ التصوف في مدْح الرسولِ - صلَّى الله عليه وسلَّم - وذكْر مناقب أهل البيت، خاصَّة أبناء فاطمة الذين رفعهم الشاعر إلى مرتبةٍ كبيرة مِن التقوى والمجد والسؤدد؛ يقول في داليته:
شَغَل الدُّموعَ عن الدِّيار بُكاؤُنا *** لبُكاءِ فَاطمةٍ على أَولادِها
ويقول أيضًا في مطلع لاميته الزهديَّة المشهورة:
رَاجِلٌ أنـت واللَّيالِي نُزولٌ *** ومُضِرٌّ بِكَ البَقاءُ الطويلُ
وفي العصر العباسي يَجيء الشاعرُ مهيار الديلمي، الذي له عشرات القصائد في مدْح أهل البيت والإشادة بأوصافِ الرَّسول - صلَّى الله عليه وسلَّم - وصفاته الحميدة التي لا تُضاهَى ولا تُحاكَى.
ومن الشعراء الصوفية الذين أكثروا من المدح بالغلو والإطراء الشاعر العباسي الصوفي ابنُ الفارض؛ ومن ذلك جيميته التي مطلعها:
ما بين معترك الأحداق والمهج *** أنا القتيل بلا إثم ولا حرج
ويقول فيها:
فيه خَلَعْتُ عِذَاري واطّرَحْتُ بِهِ *** قَبولَ نُسْكيَ والمقبولَ من حِججي
ويقول:
انْظُر إلى كبِدٍ ذابت عليكَ جَوًى *** ومُقْلَةٍ من نجيعِ الدّمع في لُجَجِ
وارحَمْ تَعَثُّرَ آمالي ومُرْتَجَعي *** إلى خِداعِ تَمَنّي الوَعْدِ بالفرَجِ
وغير ذلك كثير...
إلى أين يجيء القرنُ السابع الهجري ويظهر أهمُّ الشعراء في هذا الميدان، وهو محمد بن سعيد البوصيري (608 - 696هـ)، فيُنشد كثيرًا مِن الأشعار في مدْح النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم – فنراه في همزيته الشهيرة، التي بلغت 457 بيتا، يبسُط فيها حياةَ النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - وسيرته ومعجزاته....، ومطلعها:
كَيفَ ترقَى رُقِيَّك الأَنبياءُ *** يا سَماءً ما طاوَلَتْها سماءُ
لَمْ يُساوُوك في عُلاكَ وَقَدْحا *** لَ سنًا مِنك دونَهم وسَناءُ
وفي ميميته الشهيرة بالبردة التي ذاعتْ في الآفاق، فحفظتْها الأجيالُ وشرحَها الشارحون، ونسَج على منوالها وعارَضها الشعراءُ والمادحون(2)؛ يقول في مطلعِها:
أمِنْ تَذَكُّرِ جِيران بِذِي سَلَمٍ *** مَزَجْتَ دَمْعًا جَرَى مِنْ مُقْلَةٍ بِدَمِ
وقد عارض قصيدة (بانت سعاد) لكعْب بن زهير بقصيدةٍ مطلعُها:
إِلَى متَى أنتَ باللَّذَّاتِ مَشغُولُ *** وَأنتَ عن كلِّ ما قَدَّمْتَ مَسؤُولُ
والمتأمِّل لديوانِ شِعره يجِد جُلَّه في مدْحِ النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم، إلا أنَّه قد وصَل إلى حدِّ الغلوِّ والإطراء الذي نهَى عنه - صلَّى الله عليه وسلَّم - بقوله: ((لاَ تُطْرُونِي، كَمَا أَطْرَتْ النَّصَارَى ابْنَ مَرْيَمَ، فَإِنَّمَا أَنَا عَبْدُهُ، فَقُولُوا: عَبْدُ اللَّهِ، وَرَسُولُهُ))(3)؛ فلقد وصَف النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - بصفاتٍ لا تَليق إلا بالله - جلَّ وعلا، واستغاث به وطلَب منه ما لا يُطلَب إلاَّ مِن الخالق الجليل - تقدَّستْ أسماؤه؛ فمن ذلك قوله:
يا أكْرَمَ الرُّسْلِ مالِي مَنْ أَلوذُ به *** سِواكَ عندَ حلولِ الحادِثِ العَمِمِ
وَلَنْ يَضِيقَ رَسولَ اللهِ جاهُكَ بي *** إذا الكريمُ تَحَلَّى باسْمِ مُنْتَقِمِ
فإنَّ مِنْ جُودِكَ الدنيا وضَرَّتَها *** وَمِنْ عُلُومِكَ عِلمَ اللَّوْحِ والقَلَمِ!(4)
ثم جاءَ بعدَه شهابُ الدِّين المقَّرِي صاحِب "نفح الطيب" (992 1041 هـ) فأكْثَر مِن نظم الشعر - بل النثر أيضًا - في مدْح النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - والتوسُّل به أيضًا! وكتاب "نفح الطيب" - وكذلك كتاب "أزهار الرياض" - مليءٌ بهذه القصائد التي يَرويها عن الشعراء، وفي أحايين كثيرة تكون هذه القصائدُ له هو، وهو الذي نظَمها؛ فإنَّ هذا معروف من طريقته في التأليف؛ فهو كاتب وشاعر جيد ويُضمِّن كلامه كثيرًا من الشعر، ومن الأمثلة على ذلك قوله عندما أطال في المقدمة من مدْح المصطفى - صلَّى الله عليه وسلَّم -: "وربما يقول مَن يقف على سرْد هذه الأمداح النبوية: إلى متى وهذا الميدان تكل فيه فرسان البديهية والروية؟ فأُنشده في الجواب، قول بعض مَن أَمَّ نهج الصواب:
لأديمنَّ مديحَ المصطفى *** فِعْل مَن في الله قوي طَمعُه
فعَسى أنْعَم في الدُّنيا به *** وعسى يَحشُرني الله مَعَه"(5)
وكما ذكرنا؛ فكتاب المقَّري هذا مليءٌ بالقصائد والموشَّحات في المديح النبويِّ لكثيرٍ مِن شعراء الأندلس وغيرهم، ولنذكر أمثلةً على ذلك، ومَن أن أراد أن يستزيد فدونه كتاب "نفح الطيب" وأزهار الرياض" للمقري، ودراسة محمَّد عبد الغني حسَن بعنوان "المقري صاحب نفح الطيب" فصل المديح النبوي (ص: 126 - 141):
يقول المقري: "وما أحسن قول عالم الأندلس المالكي اللبيب، عبد الملك السلمي المشهور بابن حبيب:
لله درُّ عصابةٍ صاحبتها *** نحو المدينة تقطع الفَلواتِ
ومَهامهٍ قد جبتها ومفاوزٍ *** ما زلتُ أذكرها بطول حياتي
إلى أن يقول:
صَلَّى الإله على النبيِّ المصطفى *** هادي البرية كاشف الكُرباتِ!
ويذكُر أيضًا قول كمال الدِّين ناظر قوص:
أنخ، هذه والحمد لله يثرب *** فبشراك قد نلت الذي كنت تطلب
فعفر بهذا الترب وجهك، إنه *** أحق به من كل طيبٍ وأطيب
وقبِّل ربوعًا حولها قد تشرفت *** بمن جاورت، والشيء يحبب
وسكن فؤادًا لم يزل باشتياقه *** إليها على جمر الغضا يتقلَّب
وكَفْكِف دموعًا طالما قد *** سفحتها وبرد جوى نيرانه تتلهب
قول الرُّعيني الغِرْناطي:
هذه روضة الرسول فدَعْني *** أبذل الدمعَ في الصَّعيد السَّعيد
لا تلمني على انسكاب دُمو *** عي إنما صنتها لهذا الصعيد
ثم يعلق قائلاً: ولَمَّا سلمتُ على سيِّد الأنام - عليه مِن الله أفضلُ الصلاة وأزكى السلام - ذُبتُ حياءً وخجلاً؛ لما أنا عليه من ارتكاب ما يقتضي وجلاً، غير أني توسلتُ بجاهه - صلَّى الله عليه وسلَّم! في أن أكون ممَّن وضح له وجه الصفح وجلاً:
إليك أفرُّ مِن زَلَلي *** فِرارَ الخائف الخَجِلِ
وكان مزارُ قبْرك بالـ *** مدينةِ له نفْسي بلا خَللِ
فخُذ بيدي غريقٍ في *** بِحار القول والعملِ
وهَبْ لي منك عارفة *** تعرَّفت ما تنكر لِي
وتهديني إلى رُشدي *** وتمنعني مِن الزللِ
وتحملني على سَننٍ *** يؤمُّني من الوجلِ
فأنت دليل مَن عميت *** عليه مسالك السبلِ
وإنك شافع بر وموئلنا من الوهل
إلى أن يقول:
على جدواك معتمدي *** فأَنقذني مِن الدَّخَلِ
وألحقني بجناتٍ *** لدَى دَرجاتِها الأُولِ
بصديقٍ وفاروقٍ *** وعثمان الرِّضَا وعلي
فأنت ملاذ معتصمٍ *** وأنت عِمادُ مُتَّكلِ
عليك صلاة ربك جـ *** لَّ في الغدوات والأصل"(6)
وغالب الظنِّ أنَّ هذا النظم الأخير للمقرِّي نفسَه، وما أعظم وأشنع ما فيه من غلو، وتوسل غير مشروع!
وشعر المقري في المدائح النبوية - من الناحية الفنية والأدبيَّة - كما يقول محمد عبد الغني حسن يترواح بين القوة والضعف، ويغلب عليه التقليد والمحاكاة ورص الألفاظ، أكثرَ ممَّا تغلب عليه الشعرية والطلاوة، والقوة وافتراع المعاني، كشعر حسان والبوصيري في بردته الميمية والهمزية، وشعر أحمد شوقي في نهج البردة، وله قصيدة جيدة الصياغة، حسَنة السبك، يقول فيها مطلعها:
ليس كلُّ القريضِ يَقْبَله السَّمْ *** عُ وتُصغي لذِكره الأفهامُ
إنَّ بعضًا مِن القريض هُراءٌ *** ليس شيئًا، وبعضُه أحكامُ
ومما تجدر الإشارة إليه: أنَّ شِعر المقري ومَن نقل عنهم لا يخلو مِن الغلو المنهي عنه والتوسُّل غير المشروع بذات النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - وجاهه، كما رأينا عندَ البوصيري.
ومِن الشُّعراء الذين طرَقوا هذا الميدان ابن نباتة المصري؛ فقد ترَك لنا خمس قصائد في المديح النبوي، وهي: همزيته التي مطلعها:
شجون نحوَها العشَّاق فاؤوا *** وصبٌّ ما له في الصبر راءُ
ورائيته التي مطلعها:
صَحا القلب لولا نسمةٌ تتخطَّر *** ولمعة برق بالغضا تتسعَّر
وعينيته التي مطلعها:
يا دارَ جيرتنا بسَفْحِ الأجرعِ *** ذَكرتْك أفواه الغيوثِ الهُمَّعِ
ولاميته التي مطلعها:
ما الطَّرْف بعدَكمُ بالنوم مكحولٌ *** هذا وكمْ بيننا من رَبعكم مِيلُ
والميمية التي مطلعها:
أُوجز مديحك فالمقام عظيم *** مِن دونه المنثور والمنظوم
وأيضًا من الشعراء المغاربة الذين اشتهروا بالمديح النبوي مالك بن المرحَّل، يقول ميميته المشهورة التي يعارض فيها قصيدةَ البوصيري الميمية(7):
شَوقٌ كما رفعت نار على عَلمٍ *** تشبُّ بيْن فروع الضالِّ والسلمِ
ويقول في قصيدته الهمزيَّة مادحًا النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلَّم -:
إلى المصطفى أهديت غر ثنائي *** فيا طيب إهدائي وحسن هدائي
أزاهير روض تُجتنَى لعطارة *** وأسلاك در تُصْطَفَى لصفاء(8)
والشاعِر السَّعْدي عبد العزيز الفشتالي، الذي يقول في إحدى قصائده الشعرية:
محمد خير العالمين بأَسْرها *** وسيِّد أهل الأرض مِ الإنس والجان(9)
ومنهم القاضي عياض؛ فقد خلَّف مؤلِّفاتٍ عديدةً وقصائدَ أغلبها في مدْح الرسول - صلَّى الله عليه وسلَّم - والتشوق إلى الديار المقدَّسة كما في قصيدته الرائية:
قِف بالرِّكابِ فهذا الرَّبْع والدار *** لاحَتْ علينا مِن الأحباب أنوارُ(10)
ومِن شعراء الأندلس الذين اهتمُّوا بالمديح النبوي، وذكْر الأماكن المقدسة لسانُ الدين بن الخطيب؛ يقول في قصيدته الدالية:
تألق "نجديا" فاذكرني "نجدا" *** وهاج لي الشوق المبرح والوجدا
وميض رأى برد الغمامة مغفلا *** فمد يدا بالتبر أعلمت البردا(11)
وفي العصر الحديث نجِد في دواوين شُعراء البعث والإحياء أو ما يُسمَّى بشعراء التيار الكلاسيكي، أو الاتجاه التراثي مجموعةً مِن القصائد في مدح الرسول - صلَّى الله عليه وسلَّم - تستند إلى المعارضة تارةً، أو إلى الإبداع والتجديد تارةً أخرى.
ومِن الشعراء الذين برَعوا في المديح النبوي نذكُر: محمود سامي البارودي، وأحمد شوقي، ومحمد الحلوي، وآخرين كثيرين.
فمن قصائد محمود سامي البارودي قصيدته الجيمية التي يقول فيها:
يا صارم اللحظ مَن أغراك بالمُهَجِ *** حتى فتَكَتْ بها ظلمًا بلا حَـرجِ
ما زال يَخدَع نفْسي وهي لاهية *** حتى أصاب سوادَ القلب بالدَّعجِ
وهذه القصيدة معارضةٌ لقصيدة الشاعر العباسي الصوفي ابنِ الفارض التي مطلعها:
ما بين معترك الأحداق والمهج *** أنا القتيل بلا إثم ولا حرج
ومن قصائد محمود سامي البارودي في المديح النبوي قصيدته "كشف الغمة في مدح سيد الأمة" وعدد أبيات هذه القصيدة 447، ومطلع القصيدة هو:
يا رائد البرق يمم دارة العلم *** واحد الغمام على حي بذي سلم
ومِن الشعراء الآخرين الذين نظَموا على منوال البردة: الشيخ أحمد الحملاوي في قصيدته التي سمَّاها كذلك بـ"منهاج البردة"، ومطلعها:
يا غافرَ الذنبِ مِن جُودٍ ومِن كرم *** وقابل التوب من جان ومجترم
ويحذو أحمدُ شوقي حذوَ البارودي في معارضة الشعراء القُدامَى في إبداع القصائد المدحية، التي تتعلق بذكر مناقب النبي وتَعداد معجزاته وصفاته المثلى، كما في همزيته الرائعة التي مَطلعُها:
وُلِد الهدى فالكائناتُ ضياءٌ *** وفي فَم الزَّمان تبسُّم وثَناءُ
ويقول في مُولديته البائية:
سَلُوا قلبي غداةَ سَلا وتَابا *** لعل على الجَمال له عِتابَا
ومِن أحسن قصائد أحمد شوقي في مدْح الرسول - صلَّى الله عليه وسلَّم - قصيدته الميمية التي عارَض فيها قصيدةَ البردة للبوصيري، ومطلعها:
ريم على القاع بيْن البانِ والعَلم *** أحلَّ سفك دمي في الأشهر الحُرمِ
ومِن الشعراء المغاربة المعاصرين الذين مدَحوا النبَّي - صلَّى الله عليه وسلَّم - الشاعر المراكشي إسماعيل زويريق، الذي خصَّص كتابين لسيرة الرسولِ - صلَّى الله عليه وسلَّم - تحت عنوان: "على النهج" يعارض فيهما شعراءَ المديح النبوي.
وما زال الشعراء يتبارون في هذا الميدان وهو رحب فسيح لكل من يدخله بحقه.
بل من العجيب كما يقول الدكتور مُفدي زهور عدي: أن نرى دررًا لشعراء مسيحيين (نصارى) في مدح النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - مثل القصيدة المتماسكة لشاعر مِن عائلة أرمينية مسيحية كاثوليكيَّة التي يهجم على موضوعه بشكلٍ مباشر قائلاً:
أَنوارُ هادِي الورَى في دارةِ العِلمِ *** رَفَّت على ذِكر جيران بذِي سَلمِ
والقصيدة منشورة في مجلة الرسالة، في 6/10/1952م.
وفيها يزاوج الشاعر بين النصح والتشوق للنبي - عليه الصلاة والسلام -:
أقول للمصطفى: أعظمُ بما ابتدعت *** آياتُ ربِّك من خيرٍ ومِن نِعمِ
لو يَتبع الخَلقُ ما خلَّدتَ مِن سُنن *** لم يَفْتِكِ الجهلُ والإعوازُ بالأُممِ
ومن شعراء المديح النبوي (المسيحيين) الشاعر القروي رشيد سليم الخوري، وقد صاغ قصيدةً بعنوان "عيد البرية" يستحث فيها المسلمين لاستعادةِ مجدهم القديم منها، ويُقرئ رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - سلاماته وحبَّه، داعيًا إلى التحابِّ والتآخي بيْن المسلمين والنصارى(12)؛ خِدمة لأوطانهم والشرق كله! فيهتف:
يا فاتحَ الأرضِ ميدانًا لدولتِه *** صارتْ بلادك ميدانًا لكلِّ قوي
يا قومُ هذا مسيحيٌّ يُذكِّركم *** لا يُنهض الشَّرقَ إلاَّ حبُّنا الأُخوي
فإنْ ذكرتم رسولَ الله تكرمةً *** فبلِّغوه سلامَ الشاعِر القروي
وعلى نفس الرُّوح ونفس الحب(13) للنبيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - صدَحتْ أشعار مارون عبود، وجورج صديح، ومحبوب الخوري الشرتوني، وإلياس فرحات، وخليل مطران.
وبعد هذا السرد التاريخي نعرج على بعض خصائص ومزايا المديح النبوي:
فمن ميزات المديح النبوي أنه شعر دِيني ينطلق من رُؤية إسلامية، ويهدف إلى تغيير العالم المعيش وتجاوز الوعي السائد نحو وعي ممكن يقوم على المرجعيَّة السلفية بالمفهوم الإيجابي.
ويتميَّز المديح النبوي - كما ذكرنا - بصِدق المشاعر، ونبل الأحاسيس، ورقة الوجدان، وحب الرسول - صلَّى الله عليه وسلَّم؛ طمعًا في شفاعته ووساطته يومَ الحساب، وما حب الرسول في القصيدة المدحية إلا مسلك للتعبير عن حبِّ الأماكن المقدَّسة والشوق العارم إلى زِيارة قبر الرسول - صلَّى الله عليه وسلَّم - والوقوف على جبل عرفات، والانتشاء بكل الأفضية التي زارها الحبيب أثناء مواسم العمرة والحج.
ولقصائد المديح خصائص في الشكل والمضمون:
فمن حيث الشكل فأغلب قصائد المديح النبوي من القصيدة العموديَّة القائمة على نِظام الشطرين، ووحدة الرَّوي والقافية، واعتماد التصريع والتقفية، في المطلع الأوَّل من القصيدة.
وتتسم القصائد النبوية والمولديَّة الحديثة ذات النمط الكلاسيكي أو التراثي بتعدُّد الأغراض والمواضيع على غِرار الشعر العربي القديم، والسبب في هذا التعدُّد هو معارضة القصائد الأصلية كقصائد البوصيري وقصائد ابن الفارض وقصيدة كعب بن زهير وغيرها، وهذه المعارضة تدفع الشاعر إلى انتهاج نفس البناء والسير على نفس الإيقاع والروي والقافية، واستخدام نفس الألفاظ والأغراض الشعرية، ومِن ثَم فالقصيدة النبوية تتكوَّن على مستوى البناء مِن المقدمة الغزلية، ووصف المطايا، ومدح الرسول - صلَّى الله عليه وسلَّم - والتصلية والدعاء والاستغفار والتوبة؛ وهذا ما أفقد المديحَ النبوي الوحدة الموضوعية والعضوية، على الرغم من وجود الاتساق اللُّغوي على مستوى السطح الظاهري، والانسجام على مستوى العمق الدلالي.
وفيما يخص الإيقاع الخارجي، فقصائد المديح النبوي تعتمد على البحور الطويلة الجادَّة التي تتناسب مع الأغراض الجليلة المهمَّة كالمديح النبوي، والتصوُّف الروحاني والتشيُّع لآل البيت؛ لذلك يَستعمل شعراء المديح النبوي البحرَ الطويل والبحر البسيط والبحر الكامل والبحر الوافر والبحر الخفيف، ويعدُّ البحر البسيط من أهم البحور المفضلة لدَى شعراء المديح النبوي ولدى شعراء المعارضة، ومن المعلوم أن البردة التي نظمها الشاعر البوصيري كانتْ على البحر البسيط؛ لذلك أصبحتْ هذه القصيدة نموذجًا يُقتدَى به في الشعر العربي الحديث مِن قِبل شعراء المديح النبوي موضوعًا وإيقاعًا وصياغة.
ومِن أهم القوافي التي استعملت كثيرًا في الشعر النبوي: الميم والسين، واللام والتاء، والهمزة والجيم؛ وهي قوافٍ صالحة وطيِّعة لرصد التجرِبة الشعرية المولديَّة، أو النبوية، أو الصوفية الرُّوحانية، ما عدا قافية الجيم التي تُثير جرسًا خشنًا، ونشازًا شاعريًّا.
وعلى مستوى الإيقاع الداخلي، فشاعر المديح النبوي يستعمل بكثرة ظاهرة التصريع والتوازي الصوتي والتكرار الإيقاعي والجمع بيْن الأصوات المهموسة والأصوات المجهورة. وينسجم هذا الإيقاع الشعري بكامله مع الجو الموسيقيِّ والنفسي والدلالي للقصائد المدحية.
وتمتح اللغة الشعرية ألفاظها المعجمية في قصيدة المديح النبوي من حقل الدِّين وحقل الذات وحقل العاطفة وحقل الطبيعة وحقل المكان وحقل التصوف.
كما يمتاز المعجم الشعري بالجزالة، وفخامة الكلمات، وقوة السبك، ورصانة الصياغة، وهيمنة المعجم التراثي، وغلبة الألفاظ الغريبة غير المألوفة؛ لذلك يغلب الجانب التراثي والبيان السلفي على هذا الشعر الديني كتابةً وتعبيرًا وصياغة.
ويستخدم هذا الشاعر المادح لرسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - الجملَ الفعلية الدالة على التوتر والحركية، والجمل الاسمية الدالة على الإثبات والتأكيد، ونجِد كذلك المزاوجة بين الأساليب الخبرية والإنشائية؛ لإيجاد الوظيفة الشعرية بمكوناتها الإيحائية والمجازية، وغالبًا ما يستوجب مكون السيرة وسرد المعجزات الأسلوب الخبري، بينما يفترض تدخل الذات وإظهار المشاعر والانطباعات الانتقال مِن أسلوب إنشائي إلى آخر حسب السياقات المقصدية والوظيفيَّة.
ويشغل شعر المديح النبوي الصور الشعرية الحسية القائمة على المشابهة من خلال استخدام التشبيه والاستعارة، والاستعانة بالصورة المجاورة عبر المزج بين المجاز المرسل والكناية الإحالية في التصوير والبيان، ويمكن أن تتخذ الصور البلاغية ذات النطاق الحسي طابعا رمزيا خاصة في المقاطع الصوفية العرفانية، ويتراوح البديعُ في المديح النبوي بين العفوية المطبوعة والتصنع الزخرفي في القصائد المدحيَّة البديعية التي نظمت في العصور المتأخرة كما عند ابن جابر الأندلسي في ميميته البديعية(14).
وأريد - في الختام - أن أُشير إلى نِقاط ثلاث، هي من الأهمية بمكان:
النقطة الأولى: أن الرأي القائل بأن مَن أبدع فنَّ المدائح النبوية هم الصوفية(15)، هو رأي تعوزه الدقة والتحقيق، بل هو غير صحيح، والتحقيق أنَّ فن المدائح النبوية بدأ منذ بزوغ فجر وإشراق شمس نبوَّة محمَّد - صلَّى الله عليه وسلَّم، وظلت على مر العصور، فلم يخل عصر إلا ونبغ فيه شعراء أبدعوا في هذا الفن، إلى يوم الناس هذا، وأما عن الصوفية فقد أكثروا نعَم، وأولعوا بهذا الفن حقًّا، ولكن... بما سيتَّضح في:
النقطة الثانية: لقدْ أكثر الصوفية والشِّيعة أيضًا مِن المدائح النبويَّة، ولهم قصائدُ كثيرةٌ وموشحات وإنشادات، ولكن أكثروا فيها من الغلو والإطراء، والتوسُّل المنهي عنه خصوصًا في القرن السابع الهجري، الذي يُعرَف في التاريخ الإسلامي بانتشار التصوُّف فيه إلى حدٍّ كبير، فقلَّما تخلو قصيدة من قصائدهم من توسُّل شركي أو بدعي بجاه النبي أو بذاته، أو وصفه بصفات لا تليق إلا بالإله الواحد المنفرد، وطلب العفو والصفح عن الزلات وطلب ما يملك منه - صلَّى الله عليه وسلَّم، كما مرَّ معنا مِن أشعار ومدائِح(16).
النقطة الثالثة: أنَّ التحقيقَ في مدَى شرعيَّة فنِّ المدائح النبويَّة: أنها جائزة إذا ما روعيت فيها الضوابط الشرعية، والتزم فيها قول الصدق في حقِّ رسول الحق - صلَّى الله عليه وسلَّم – من غير غلو ولا إطراء، ومن غير توسل واستشفاع منهي عنه، وقد تُستحب أو تَجِب إذا كان دفاعًا عن مقام نبيِّنا السامي، وقدْره الشريف العالي، كما كان يفعل شاعر النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - حسَّان بن ثابت - رضي الله عنه - وغيره، فالذي ينبغي أن ينهى عنه هو الغلو والإطراء.
وأيضًا فمما لا يجوز شرعًا ما يفعل في المناسبات خصوصًا مولد النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم – من غِنائها وإنشادها وتلحينها، حتى الحروب، فضلاً عن الأفراح والأحزان، والموالد المبتدَعة واحتفالات الحجيج، وهذا الأمْر هو مِن أكثر الأمور تأثيرًا في انتشار هذه المدائح التي فيها المخالفات الشرعيَّة.
ومع هذا فقدْ بقِي كثيرٌ مِن الشعراء قديمًا وحديثًا بمعزلٍ عن هذا الغُلو أمثال مَن ذكَرْنا من الصحابة وغيرهم كثير(17)، وهذا هو المرجو المأمول من كل شاعر ينسج على منوال هؤلاء، والمأمول أيضًا مِن كل قارئ – بل يجب عليه - أن يُمحِّص ما يقرؤه ولا يغتر بأن هذه القصيدة في مدح النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم – وأن الذي ينكرها لا يحب النبي ولا يمدحه وأنه كذا وكذا؛ فاقْبلِ الحق، وادفعِ الباطِل، تُوفَّقْ بإذن ربك.
والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل
وصلَّى الله على سيِّدنا محمَّد، وعلى آله وصحبه وسلَّم
الهوامش:
الهوامش:
============================
(1) وقدْ نسَج الصوفية حول هذه البردة كثيرًا مِن الخرافات والترهات؛ وتداولوها بينهم كابرًا عن كابر، بما يُعرف بـ"لبس الخرقة"! حتى قال قائلهم (القاضي جمال الدين بن ظهيرة المكي):
لبس الخرقة أمر مشهور معمول به من زمن السلف إلى اليوم ولها أصل في الشرع وهو أن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم خلَع بردته على كعب بن زهير لما أنشده قصيدته المشهورة التي أولها:
بانتْ سُعادُ فقَلْبي اليومَ مَتْبُولُ
... ولم يزل أكابر الصوفية والعارفين بالله يستعملونها كمعروف والسري والجنيد وغيرهم من المتقدمين والمتأخرين كسيِّدنا الشيخ قطب الأولياء عبد القادر الج¬يلاني والإمام أبي النجيب السُّهْرَوَرْدِيّ وقبلهما الإمام أبو حامد الغزالي وشيخه إمام الحرمين وغيرهم ممن لا يحصى كثرة ....
ولا مانع من ذلك بل ينبغي لمريدِ الخير أن يرغب في ذلك لتحصل له بركة السادة أولياء الله الصالحين ويحصل له الاتصال بهم والانتظام في مسلكهم .... إلخ من الغلو والباطل الذي ليس عليه دليلٌ.
(2) أمثال ابن جابر الأندلسي في ميميته البديعية، وعبدالله الحموي مِن شعراء القرن التاسع، والبارودي وشوقي في العصر الحديث.
(3) رواه البخاري وأحمد.
(4) للتفصيل في هذا ينظر: رسالة "بيان ما في البردة مما يخالف الدين" للشيخ عبد الرحمن بن حسن بن الشيخ محمد بن عبد الوهاب، على هذا الرابط: http://www.alnasiha.net/cms/node/596
و في "قوادح عقدية في بردة البوصيري" للشيخ الدكتور عبدالعزيز بن محمد آل عبد اللطيف، وهو دراسة له بمجلة "البيان" ذكر عدد ضخْم من هذه المبالغات والأخطاء، وموجود على هذا الرابط :
هذا، وقد قام الأستاذ الدكتور أحمد عمر هاشم بشرح البردة، وأوجد لأمثال هذه الأبيات التي فيها غلوٌّ صريح تأويلات غير مستساغة؛ ليخرج بها عن حمأة الغلو والإطراء.
(5) نفح الطيب من غصن الأندلس الرطيب، ت إحسان عباس (1/ 55).
(6) "نفح الطيب" (1/ 46 - 48).
(7) لسان الدين بن الخطيب: الإحاطة في أخبار غرناطة، تحقيق: محمد عبد الله عنان، مكتبة الخانجي بالقاهرة، ط1، 1975م، ج3، ص:314-315.
(8) محمد بن تاويت: الوافي بالأدب العربي في المغرب الأقصى، ج1، دار الثقافة، البيضاء، الطبعة 1، 1982، ص:339-340.
(9) عبد العزيز الفشتالي: شعر عبد العزيز الفشتالي، جمع ودراسة وتحقيق: نجاة المريني، ص:420-428.
(10) القصيدة من مخطوطة بالخزانة العامة بالرباط في مجموع من ورقة 166-168، رقم:744.
(11) لسان الدين بن الخطيب: ديوان لسان الدين بن الخطيب، تحقيق: الدكتور محمد مفتاح، المجلد1، دار الثقافة، البيضاء، ط1، 1989، ص:346-350.
(12) لا يخفى أنَّ هذا كلام باطل مخالِف لعقيدتنا - نحن المسلمين؛ إذ الأُخوَّة لا تكون إلا بيْن المسلمين المؤمنين؛ قال الله تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ} [الحجرات: 10]، وإنما ذكرتُ هذا مدلِّلاً على العجب مِن أنَّ المديح النبوي نطَق به غير المسلمين أيضًا.
(13) ولو كانوا محبين حقًّا لآمنوا به واتبعوه!!
(14) اعتمدتُ في هذا على مقال "شِعر المديح النبوي في الأدب العربي" لجميل حمداوي، وهذا رابطه فهو مقال مفيد:
(15) صاحب هذا الرأي هو الدكتور زكي مبارك في كتابه "المدائح النبوية في الأدب العربي"، من منشورات المكتبة العصرية، صيدا بيروت، الطبعة الأولى 1935، ص:17.
(16) لزيادة الفائدة في هذه النقطة: انظر: "مظاهر الغلو في قصائد المديح النبوي" سليمان بن عبد العزيز الفريجي، على هذا الرابط: http://forum.sh3bwah.maktoob.com/t169620.html
(17) كنت أودُّ أن أتحدَّث عن هؤلاءِ بالتفصيل، ولكن منعني مِن هذا خشية الإطالة ها هنا، فلعلَّ الله تعالى يأذن بأن أتناوَل هذا الجانبَ في مقال آخر.
اضف تعليق!
اكتب تعليقك
تأكد من إدخال جميع المعلومات المطلوبة.