إن الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ثم أما بعد؛
فإن من أهم الأمور التي تشغل الكثير من الناس هو الرزق وأهمهم هذا الأمر؛ لكن المتوكلين على الله تعالى أيقنوا أن الرزق مقسوم ومقدر من الله تعالى وعلموا أنه لا ينقص من أرزاقهم شيئًا قد كتبه الله لهم.
قال تعالى: {وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ} [هود: 6]
"فما من دابة في الأرض إلا يرزقها الله تعالى حيث كانت أماكنها بسوقها إليه"[1].
وقال تعالى: {فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ وَأَقِيمُوا الشَّهَادَةَ لِلَّهِ ذَلِكُمْ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا (2) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا } [الطلاق: 2، 3]
فالله تعالى يكفي العبد مؤونته وحاجته بلا شك وبالتوكل على الله تجلب المنافع وتندفع المضار.
قال تعالى: { الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ } [آل عمران: 173]
فالله تعالى يكلأ ويحفظ ويحمي المؤمنين الصادقين لأنهم " لما توكلوا" على الله كفاهم ما أهمهم ورد عنهم بأس من أراد كيدهم... مما أضمر لهم عدوهم"[2].
فالتوكل عبادة تورث الرزق وتندفع بها المضار ويسوق الرزق لأن في التوكل سعي في طلب الرزق النافع ودفع الضار وهذا ما كان من سلوك الأنبياء عليه الصلاة والسلام
والسعي في الرزق افتقار إلى الله تعالى دون غيره.
"فالتوكل فعل القلب فلا ينافي حركة الجوارح، ولو كان كل كاسب ليس بمتوكل لكان الأنبياء غير متوكلين، فقد كان آدم عليه السلام حراثًا، ونوح وزكريا نجارين، وإدريس خياطًا، وإبراهيم ولوط زارعين، وصالح تاجرًا، وكان سليمان يعمل الخوص، وداود يصنع الدرع ويأكل ثمنه، وكان موسى وشعيب ومحمد رعاة صلوات الله عليهم أجميعن"[3].
فلنتأمل ذلك حتى نكون في إطار قوله تعالى: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا (2) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا} [الطلاق: 2، 3]، فكيفينا الضائقة من كل شيء ويجلب لنا ما نحتاجه من المنافع.
الهوامش:
[1] ابي السعود، إرشاد العقل، (3/7)
[2] ابن كثير، تفسير لقرآن العظيم (1/647)
[3] ابن الجوزي، تلبيس إبليس، بيروت، دار الكتب العلمية، ص 281
اضف تعليق!
اكتب تعليقك
تأكد من إدخال جميع المعلومات المطلوبة.