ولد الشيخ عبد القادر حفظه الله، بقرية فريلا من إقليم كوسوفا من بلاد الأرنؤوط سنة 1347 هـ 1928 م.
وهاجر إلى دمشق بصحبة والده وبقية عائلته وسنه عندئذ ثلاث سنوات من جراء اضطهاد المحتلين الصرب ـ أذلهم الله ـ للمسلمين الألبان.
فطلب العلم من مدرس دمشق: درس في مدرسة الأدب الإسلامي مدة سنتين ؛ ثم في مدرسة الإسعاف الخيري إلى أن أنهى المرحلة الابتدائية.
ثم طلب العلم على يد الشيخ عبد الرزاق الحلبي، وكذلك على يد الشيخ محمد صالح الفرفور من علوم العربية والمعاني والبيان والبديع والفقه والتفسير ما يقارب العشر سنوات.
وأخذ عن الشيخ سليمان غاوجي الألباني شيئاً من الفقه وعلم الصرف، وقرأ القرآن وجوده على الشيخ صبحي العطار، وأعاده تجويدا على الشيخ محمود فايز الدير عطاني المقرئ تلميذ شيخ القراء محمد الحلواني، وأعلى من هؤلاء كلهم أخذه عن علامة الشام الشيخ بهجة البيطار رحمه الله تعالى.
وكان يقول: كنا نجلس إلى شيخ صوفي اسمه عبد الله الهرري الحبشي (وهو غير الحبشي المعروف في لبنان) وما كان أحد منا يعرف بيته، وكان دائماً يعظنا ويذكرنا بالزهد والتقليل من الطعام....، وذات يوم وفي يوم عيد استدل أحد الإخوة على بيته فذهبنا نزوره في بيته أنا وبعض الإخوة، وهناك كانت المفاجأة، حيث ظهر لنا ما بهرنا من الإسراف والبذخ......، فكانت مفارقتنا له، والحمد لله.
قصة طرده من مجلس الشيخ صالح الفرفور، رحمه الله.
لقد كان الشيخ عبد القادر تلميذاً كما أسلفنا للشيخ صالح الفرفور قرأ عليه كعامة من كان يقرأ في معهد الفتح، قرأ من علوم العربية والمعاني والبيان والبديع والفقه والتفسير الكثير في مدة تقرب من عشر سنوات.
وكان مما قرأه من كتب الفقه الحنفي:
حاشية ابن عابدين، وحاشية الطحاوي، ونور الإيضاح، ومراقي الفلاح، وغيرها. وكان أثناء قراءته على الشيخ صالح في الحاشية لابن عابدين، تمرُّ بهم أحاديث، فيسأل الشيخ عبد القادر عنها صحة وضعفاً ونحو ذلك، فكانت الكلمة المشهورة المتداولة على ألسنة المشايخ بدمشق تخرج من فم الشيخ صالح الفرفور ـ سامحه الله ـ كالسهم: (لا تعترض فتنطرد).
وفي إحدى المرات اشترى الشيخ عبد القادر كتاب (الوابل الصيب) لابن القيم من إحدى المزادات بدمشق، ولما لم يكن له مكتبة يومئذ، و كان الشيخ عبد الرزاق الحلبي متميزاً في ذلك، حيث كانت له مكتبة خاصة في جامع فتحي، أراد الشيخ أن يلحقه بمكتبته، فعلم بذلك الشيخ رمزي البزم، وكان أكبرهم سناً - يعني في طلاب الشيخ صالح الفرفور - فقال بعد أن سمع بوضع شيخنا للكتاب بمكتبة الحلبي - بعد أن أنهى الشيخ صالح الفرفور درسه بالجامع الأموي: (عبد القادر !!! الليلة عندك محاكمة) هكذا مع إحداث ضجة في حلقة الدرس...
وفعلا أشار إليه الشيخ صالح الفرفور وإلى الشيخ عبد الرزاق الحلبي وإلى الشيخ رمزي البزم أن قوموا إلى مكتبة الشيخ عبد الرزاق، وهنا جرت المحاكمة و هذا سياقها:
قال الشيخ صـالح الفرفور للشـيخ عبد القادر: لمَ جئت بالكتـاب - يريد : الوابل الصيب - ؟؟
قال الشيخ عبد القادر: لأني قرأت في مقدمته: في الذكر مئة فائدة، ثم سردها...
قال الشيخ صالح الفرفور: هل تعرف ابن القيم تلميذ من؟
قال الشيخ عبد القادر: تلميذ ابن تيمية.
قال الشيخ صالح الفرفور ـ غفر الله له ـ: نحن نقرأ لابن تيمية؟!
قم وخذ صاحبك معك - يعني الشيخ شعيباً الأرناؤوط-
وكان فيما بعد الشيخ الأرناؤوط حفظه الله يقول: «التصوف عندي هو ما كان بمعنى الرقائق التي تُليِّن القلوب وتهذِّب النفوس أمثال كتب ابن القيم – رحمه الله –. وإن أوّلَ مَنْ أثَّر في نفسي في أول طلب العلم هو الإمام ابن القيم عندما قرأت كتابه "الوابل الصيب من الكلم الطيب". وأما كتب الصوفية البعيدة عن منهج الحق، فلا أعمل بها وأنتقدها...».
فرحمة الله على الشيخ صالح الفرفور والشيخ رمزي البزم والشيخ عبد القادر الاناؤوط، وأمد الله لنا في عمر الشيخ عبد الرزاق الحلبي، والشيخ شعيب، ونسأل الله لنا ولهم حسن الختام والرد إلى ما كان عليه نبينا محمد صلى الله عليه وآله وسلم، والحمد لله رب العالمين.
اضف تعليق!
اكتب تعليقك
تأكد من إدخال جميع المعلومات المطلوبة.