كان الشيخ إبراهيم بن عيسى تاجراً في بيع الأقمشة يتحرى الصدق والأمانة والوفاء بالعهد، وينتهز الفرص لدعوة وإرشاد من يتعاطى معه التجارة.
قال الشيخ الفاضل محمد نصيف: وكان أحمد بن إبراهيم بن عيسى الحنبلي النجدي، يتردد بين جدة ومكة لشراء الأقمشة من الشيخ عبد القادر بن مصطفى التلسماني. كان يدفع له أربعمائة جنيه ويشتري بألف، ويسدد الباقي على أقساط بضمانة مبارك المساعد.
وقد دام التعامل بينه وبين الشيخ التلسماني زمنا طويلا. وكان لصدقه وأمانته ووفائه بوعده أثر طيب في نفس التلسماني، حتى إنه لم ير ضرورة للضامن.
وقال له: (إني عاملت الناس من أربعين عاما فما أحسن من التعامل معك يا وهابي، فيظهر أن ما يشاع عنكم يا أهل نجد مبالغ فيه من قبل خصومكم السياسيين....)
فسأله الشيخ أحمد أن يبينها له.
فقال التلسماني: يقولون إنكم لا تصلون على النبي صلى الله عليه وسلم ولا تحبونه.
فأجابه الشيخ أحمد: سبحانك هذا بهتان عظيم.كيف ومن لم يصل عليه في التشهد في الصلاة فصلاته باطلة،ومن لا يحبه فكافر.
وإنما نحن أهل نجد ننكر الاستعانة والاستغاثة بالأموات, ولا نستغيث إلا بالله وحده, ولا نستعين إلا به سبحانه, كما كان على ذلك سلف الأمة.
وقد استمر النقاش بينه وبين التلسماني ثلاثة أيام. وأخيرا هدى الله الشيخ التلسماني للحق, وصار موحدا ظاهرا وباطنا.
ثم سأله الشيخ التلسماني أن يوضح بعض أوجه الخلاف بينهم وبين خصومهم _ يعني في توحيد الأسماء والصفات_ .
فقال الشيخ أحمد: إننا نعتقد أن الله فوق سماواته، مستو على عرشه استواء يليق بجلاله، من غير تشبيه ولا تجسيم ولا تأويل، وهكذا في جميع آيات الصفات والأحاديث، كما هي عقيدة السلف الصالح,وكما جاء عن الإمام أبي الحسن الأشعري في كتابيه: الإبانة في أصول الديانة، ومقالات الإسلاميين واختلاف المصلين.
وقدا دامت المناظرة بينهما خمسة عشر يوماً.
لأن الشيخ التلمساني كان أشعرياً، درس في الجامع الأزهر كتب العقائد:السنوسية، وأم البراهين,وشرح الجوهرة,وغيرها.
وقد انتهت هذه المناقشة الطويلة باقتناع الشيخ التلمساني بأن عقيدة السلف هي الأسلم والأحكم والأعلم.
ثم صار الشيخ التلمساني داعياً من دعاة العقيدة السلفيـة، وطبع كتباً كثيرة ووزعها بالمجان..
ثم قال الشيخ المحسن المفضال محمد نصيف: وإذا كان الله سبحانه وتعالى قد هدى الشيخ التلمساني على يد الشيخ أحمد بن عيسى فقد هداني أنا أيضاً على يده.
اضف تعليق!
اكتب تعليقك
تأكد من إدخال جميع المعلومات المطلوبة.