الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، ثم أما بعد، فقد قال حسان بن ثابت رضي الله عنه يمدحُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم:
مِنَ اللَّهِ مَشْهُودٌ يَلُوحُ ويُشْهَدُ |
أغَرُّ، عَلَيْهِ لِلنُّبُوَّةِ خَاتَمٌ |
إذا قَالَ في الخَمْسِ المُؤذِّنُ أشْهَدُ |
وضمَّ الإلهُ اسمَ النبيّ إلى اسمهِ، |
فذو العرشِ محمودٌ، وهذا محمدُ |
وشقَّ لهُ منِ اسمهِ ليجلهُ، |
منَ الرسلِ، والأوثانِ في الأرضِ تعبدُ |
نَبيٌّ أتَانَا بَعْدَ يَأسٍ وَفَتْرَة ٍ |
يَلُوحُ كما لاحَ الصّقِيلُ المُهَنَّدُ |
فَأمْسَى سِرَاجًا مُسْتَنيرًا وَهَادِيًا، |
وعلَّمنا الإسلامَ، فاللهَ نحمدُ |
وأنذرنا نارًا، وبشرَ جنةً، |
بذلكَ ما عمرتُ فيا لناسِ أشهدُ |
وأنتَ إلهَ الخلقِ ربي وخالقي، |
سِوَاكَ إلهًا، أنْتَ أعْلَى وَأمْجَدُ |
تَعَالَيْتَ رَبَّ الناسِ عن قَوْل مَن دَعا |
فإيَّاكَ نَسْتَهْدي، وإيَّاكَ نَعْبُدُ |
لكَ الخلقُ والنعماءُ، والأمرُ كلهُ، |
وقال حسان رضي الله عنه:
وأَحسنُ منكَ لم ترَ قطُّ عيني |
وَأجْمَلُ مِنْكَ لَمْ تَلِدِ النِّسَاءُ |
خُلِقْتَ مبرًا منْ كلِّ عيبٍ |
كأنكَ قدْ خُلِقَتَ كما تشاءُ |
وقال أيضًا:
يُذكِّرُ، لو يَلْقى خليلًا مُؤاتِيا |
ثوَى في قرَيش، بضْعَ عشرَة َ حِجّةً، |
فلمْ يرَ من يؤوي، ولمْ يرَ داعيا |
وَيَعْرِضُ في أهلِ المَواسِمِ نفسَهُ، |
فأصبحَ مسرورًا، بطيبةَ، راضيا |
فلمَّا أتانا، واطمأنَّتْ به النّوى، |
وأنفُسَنا، عندَ الوَغَى، والتّآسِيا |
بذلنا لهُ الأموالَ من جلّ مالنا، |
جميعًا، وإن كان الحبيبَ المصافيا |
نحاربُ من عادى من الناس كلهم، |
وإنَّ كِتَابَ اللَّهِ أصْبَحَ هادِيا |
ونعلمُ أنَّ اللهَ لا ربَّ غيرهُ |
--------------------------------------------------
وقال كعب بن زهير رضي الله عنه في قصيدةٍ يعتذر فيها إلى النبي صلى الله عليه وسلم ومطلعها:
يَسعى الوُشاةُ بِجَنبَيها وَقَولُهُم |
إِنَّكَ يَا بنَ أَبي سُلمى لَمَقتولُ |
وَقالَ كُلُّ خَليلٍ كُنتُ آمُلُهُ |
لا أُلفِيَنَّكَ إِنّي عَنكَ مَشغولُ |
فَقُلتُ خَلّوا سبيلي لا أَبا لَكُمُ |
فَكُلُّ ما قَدَّرَ الرَحمَنُ مَفعولُ |
كُلُ اِبنِ أُنثى وَإِن طالَت سَلامَتُهُ |
يَومًا عَلى آلَةٍ حَدباءَ مَحمولُ |
أُنبِئتُ أَنَّ رَسولَ اللَهِ أَوعَدَني |
وَالعَفُوُ عِندَ رَسولِ اللَهِ مَأمولُ |
مَهلًا هَداكَ الَّذي أَعطاكَ نافِلَةَ الـ |
قُرآنِ فيها مَواعيظٌ وَتَفصيلُ |
لا تَأَخُذَنّي بِأَقوالِ الوُشاةِ وَلَم |
أُذِنب وَلَو كَثُرَت عَنِّي الأَقاويلُ |
لَقَد أَقومُ مَقامًا لَو يَقومُ بِهِ |
أَرى وَأَسمَعُ ما لَو يَسمَعُ الفيلُ |
لَظَلَّ يُرعَدُ إِلّا أَن يَكونَ لَهُ |
مِنَ الرَسولِ بِإِذنِ اللَهِ تَنويلُ |
مازِلتُ أَقتَطِعُ البَيداءَ مُدَّرِعًا |
جُنحَ الظَلامِ وَثَوبُ اللَيلِ مَسبولُ |
حَتّى وَضَعتُ يَميني لا أُنازِعُهُ |
في كَفِّ ذي نَقِماتٍ قيلُهُ القيلُ |
إِنَّ الرَسولَ لَنورٌ يُستَضاءُ بِهِ |
مُهَنَّدٌ مِن سُيوفِ اللَهِ مَسلولُ |
في عُصبَةٍ مِن قُرَيشٍ قالَ قائِلُهُم |
بِبَطنِ مَكَّةَ لَمّا أَسَلَموا زولوا |
زَالوا فَمازالَ أَنكاسٌ وَلا كُشُفٌ |
عِندَ اللِقاءِ وَلا ميلٌ مَعازيلُ |
شُمُّ العَرانينِ أَبطالٌ لَبوسُهُمُ |
مِن نَسجِ داوُدَ في الهَيجا سَرابيلُ |
بيضٌ سَوابِغُ قَد شُكَّت لَها حَلَقٌ |
كَأَنَّها حَلَقُ القَفعاءِ مَجدولُ |
يَمشون مَشيَ الجِمالِ الزُهرِ يَعصِمُهُم |
ضَربٌ إِذا عَرَّدَ السودُ التَنابيلُ |
لا يَفرَحونَ إِذا نالَت رِماحُهُمُ |
قَومًا وَلَيسوا مَجازيعًا إِذا نيلوا |
لا يَقَعُ الطَعنُ إِلّا في نُحورِهِمُ |
ما إِن لَهُم عَن حِياضِ المَوتِ تَهليلُ |
اضف تعليق!
اكتب تعليقك
تأكد من إدخال جميع المعلومات المطلوبة.