الحمد الله والصلاة والسلام على رسول الله ثم أما بعد؛ قال الشاعر الشيخ ناصر بن مسفر الزهراني - حفظه الله - في مدح النبي صلى الله عليه وسلم:
يكفيك عن كلِّ مدحٍ مدحُ خالقِهِ |
وأقرأْ بــربِّك مبدأَ سُورة القلم |
شهمٌ تُشِيدُ به الدنيا برُمَّتِها |
على المنـائر من عُرْبٍ ومِن عَجَمِ |
أحيا بكَ اللهُ أرواحًا قدِ انْدثرتْ |
في تربةِ الوهمِ بينَ الكأسِ والصنمِ |
نَفَضَتْ عنها غبارَ الذُّل فاتَّقدَتْ |
وأبــدعتْ ورَوتْ ما قُلْتَ للأُمَمِ |
مـحابرٌ وسـجلاتٌ وأنديةٌ |
وأحـرفٌ وقـوافٍ كُنَّ في صَمَم |
فمَنْ أبو بكرْ قَبْلَ الوحْيِ، مَنْ عُمَرُ؟ |
ومـَـن عليٌّ ومَنْ عثمان ذو الرَّحِمِ؟ |
مَن خالدٌ مَن صلاحُ الدين قبلك مَنْ |
مالكٌ ومَن النُّعْمـانُ في القِمَمِ؟ |
مَنِ البخاريُّ ومَن أهلُ الصِّحاح ومَنْ |
سفيانُ والشافعيُّ الشَّهْمُ ذو الحـِكَمِ؟ |
مَنِ ابْنُ حنبلَ فينا وابْنُ تيميةٍ |
بلِ؛ المــلايينُ أهل الفضل والشَّمَمِ؟ |
مِنْ نهرك العذب يا خير الورَى اغترفوا |
أنت الإمــامُ لأهلِ الفضلِ كُلِّهِمُ |
بيتٌ من الطينِ بالقرآنِ تَعْمرُهُ |
تبًّا لقصرٍ منيفٍ بــات في نَغَمِ |
طعامُك التمرُ والخبزُ الشعيرُ وما |
عينـاك تعـدو إلى اللـذاتِ والنِّعَمِ |
تبيتُ والجوع يلقى فيك بغيتَه |
إن باتَ غيرُك عبدُ الشحمِ والتخم |
لما أتَتْكَ {قُمْ اللَّيْلَ} استجبتَ لها |
العينُ تغفو وأمـَّـا القلب لم يَنِم |
تُمسي تُناجي الذي أولاك نعمتَه |
حتى تغلغلت الأورامُ في القدمِ |
أزيزُ صدرِك في جوفِ الظلامِ سرَى |
ودمعُ عينيْكَ مثل الهاطلِ العَمَمِ |
الليلُ تسهره بالوحي تعمُـــرُه |
وشَيبَتْكَ بهـود آيةُ اسْتَـــقِم |
تسـير وفقَ مـرادِ اللهِ في ثقةٍ |
ترعاك عينُ إلـهٍ حــافظٍ حكم |
فوضتَ أمـرَك للديان مصطبرًا |
بصــدقِ نفسٍ وعزمٍ غير مُنْثَلم |
ولَّى أبــوك عن الدنيا ولم ترَهُ |
وأنت مرتـهنٌ لا زلـتَ في الرحمِ |
ومــاتت الأمُّ لمَّا أن أَنِسْتَ بها |
ولم تكـن حين ولَّـت بالغ الحلمِ |
وماتَ جدُّك من بعدِ الولوعِ به |
فكنتَ مـن بعدهم في ذُروةِ اليَتم |
فجاء عمُّـك حصنًا تَستكنُّ به |
فاختـارَه الموتُ والأعداء في الأَجَمِ |
تُرمَى وتُؤذَى بأصنافِ العذاب فما |
رُئــيتَ في ثوبِ جبارٍ ومنتقم |
حتى عـلى كتفيك الطاهرين رمَوْا |
سَلا الجَزور بكـفِّ المشرك القَزَمِ |
أما خديــجة من أعطتْك بهجتَها |
وألبستْكَ رداءَ الــعطفِ والكرمِ |
غدتْ إلى جَنــةِ الباري ورحمتهِ |
فأسلمَـتْكَ لجرحٍ غير مُلتَئم |
والقلب أُفعم من حبٍّ لعائشة |
ما أعظم الخطبْ؟ فالعرضُ الشريفُ رُمِيْ |
وشُــجَّ وجهُك ثم الجيشُ في أُحُد |
يعــودُ ما بين مقــتولٍ ومُنهزم |
لمـَّــا رُزقت بإبراهيمَ وامتلأتْ |
به حياتُك بات الأمـــرُ كالعدم |
ورغــم تلك الرزايا والخطوب وما |
رأيتَ من لـوعةٍ كبرى ومن أَلَمٍ |
ما كنتَ تحملُ إلا قلــبَ محتسبِ |
في عزمٍ مُتـقِدٍ في وجهِ مبتسم |
بَنَيْتَ بالصبــرِ مجدًا لا يُماثله |
مجدٌ وغـيرُك عن نهجِ الرشادِ عُمى |
يا أمةً غفلتْ عن نهجِه ومضـتْ |
تهيمُ من غيرِ لا هَدْىٍ ولا عَلَمِ |
تعيشُ في ظُلــماتِ التِّيْهِ دمَّرها |
ضَعْــفُ الأخوةِ والإيمانِ والهِمَم |
يومًا مُشَـرِّقةً يومًا مُغَرِّبَةً |
تسعَى لنيـلِ دواءِ مِن ذوي سَقم!! |
لنْ تهتـدي أُمةٌ في غيرِ منهجِهِ |
مهما ارتضتْ من بديعِ الرأي والنُّظُم |
وقال الشاعر يوسف الصرصري - رحمه الله -:
مَحَمَّد الْمَبْعُوثُ لِلخَلْقِ رَحْمَةً |
يَشَيِّدُ مَا أَوْهَى الضَّلاَلُ وَيُصْلِحُ |
لَئِن سَبَّحَتَ صُمُّ الْجِبَالِ مُجِيْبَةً |
لِدَاودَ أَوْ لاَنَ الْحَدِيْدُ الْمُصَفْحُ |
فَإِنَّ الصَّخُورَ الصُّمُّ لاَنَتْ بِكَفِّهِ |
وَإِنَّ الْحَصَى فِي كَفِّهِ لَيُسَبِّحُ |
وَإِنَّ كَانَ مُوْسَى أَنْبَع المَاء مِن الْحَصَى |
فَمِنْ كَفِّهِ قَدْ أَصْبَحَ الْمَاءُ يَطْفَحُ |
وَإِنْ كَانَتْ الرِّيْحُ الرَّخَاءُ مُطِيْعَةً |
سُلَيْمَانَ لاَ تَأْلُوْ تَرُوْحُ وَتَسْرَحُ |
فَإِنَّ الصِّبَا كَانَت لِنَصْرِ نَبِيِّنَا |
بِرُعْبٍ عَلَى شَهْرٍ بِهِ الْخَصْمُ يَكْلَحُ |
وَإِنْ أُوْتِيَ الْمُلْكَ العَظِيْمَ وَسُخِّرَتْ |
لَهُ الْجِنُّ تَشْفِي مَا رِضيهِ وَتَلْدَحُ |
فَإِنَّ مَفَاتِيْحَ الكُنُوزِ بِأَسْرِهَا |
أَتَتْهُ فَــــرَدَّ الزَّاهِدُ الْمُتَرَجِّحُ |
وَإِنْ كَان إِبْرَاهِيْمُ أُعْطِيَ خُلَّةً |
وَمُوْسَى بِتَكْلِيْم عَلَى الطُّورِ يُمْنَحُ |
فَهَذَا حَبِيْبٌ بِل خَلِيْلٌ مُكَلَّمٌ |
وَخُصّصَ بِالرُؤْيَا وََبِالْحَقِّ أَشْرَحُ |
وَخُصّصَ بِالْحَوْضِ العَظِيْمِ وََباللِّوَا |
وَيَشْفَعُ لِلْعَاصِيْنَ وََالنَّارُ تَلْفَحُ |
وَبالْمَقْعَدِ الأَعْلَى الْمُقَرَّبِ عِنْدَهُ |
عَـــطَاءٌ بِبُشْرَاهُ أَقِرُّ وََأَفْرَحُ |
وَبِالرُّتْبَةِ العُلْيَا الوَسِيْلةِ دُوْنَهَا |
مَرَاتِبُ أَرْبَابِ الْمَوَاهِب تَلْمَحُ |
وَفِي جَنَّةِ الفِرِدَوْسِ أَوَّلُ دَاخِل |
لَهُ سَائِرُ الأَبْوَابِ بِالْخَيْرِ تُفْتَحُ |
وقال ابن الزبعري يعتذر للنبي صلى الله عليه وسلم:
يَا رَسُـولَ الْمَلِيكِ إِنَّ لِسَانِي |
ذَائِقٌ مَـا فَتَقْتُ إِذًا أَنَا بُورُ |
إِذْ أُجارِي الشَّيْطَانَ فِي سُنَنِ الْغَيِّ |
وَمَـــنْ مَالَ مَيْلَهُ مَثْبُورُ |
آمَـــنَ اللَّحْمُ وَالْعِظَامُ لِرَبِّي |
ثُمَّ نَفْسِي الشَّهِيدُ أَنْتَ النَّذِيرُ |
إنَّ مـا جئتَنا به حـق صِدْقٍ |
ســاطعٌ نورُه مضيءٌ مُنيرُ |
جئتَـنا باليقينِ والبِرِّ والصِّدقِ |
وفي الصِّدقِ واليقينِ سرورُ |
اضف تعليق!
اكتب تعليقك
تأكد من إدخال جميع المعلومات المطلوبة.