شبهة التبرك بآثار الصالحين بما ورد من شرب الإمام أحمد الماء الذي غُسِل به قميص الشافعي
يستدلُّ المبتدعة على جواز التبرُّك بذوات الصالحين وآثارهم وقبورهم، بتبرك الإمام أحمد، وأنه غسل قميص الإمام الشافعي وشرب الماء الذي غسله به([1]).
وقد رُوي مثل ذلك، لكن بنسبة التبرك إلى الإمام الشافعي، فقد رُوي عن الربيع بن سليمان أنه قال: »إن الشافعي - رحمه الله - خرجَ إلى مصر، فقال لي: يا ربيع، خذ كتابِي هذا فامضِ به وسلمه إلى أبي عبدِ الله وائتني بالجواب ... فخلع أحمدُ قميصه الذي يلي جلده فأعطانيه، فأخذتُ الجوابَ وخرجتُ إلى مصرَ وسلمت إلى الشافعي، فقال: إيش الذي أعطاك؟ فقلتُ: قميصه، فقال الشافعي: ليس نفجعُك به، ولكن بله وادفع إلى الماء لأتبرَّك به«([2]).
الرد:
أولًا: هذه دعاوي لا تصح، وعلى من يستدلُّ بها إثباتها بإسناد صحيح إلى أولئك الأئمة([3])، وقد أشار الإمام الذهبي - رحمه الله - إلى قصة تبرك الإمام الشافعي بثوب الإمام أحمد، وأبان عدم صحتها، فقال في ترجمة الربيع بن سليمان: »ولم يكن صاحبَ رحلةٍ، فأما ما يُروى أن الشافعيَّ بعثَه إلى بغداد بكتابِه إلى أحمد بن حنبل فغيرُ صحيحٍ«([4]).
ثانيًا: الحجة في مشروعية ذلك هو ما قام عليه الدليل من كتاب الله تعالى وسنة نبيه r، وأما إن رُوي شيءٌ من ذلك عن بعض الأئمة فلا يُعتبر ذلك دليلًا بذاته على المشروعية، وليس في ذلك أي تنقُّص للأئمة، إذ أن كلًّا منهم يؤخذُ من قوله ويُترك، وهذا محل اتفاقٍ بينهم.
اضف تعليق!
اكتب تعليقك
تأكد من إدخال جميع المعلومات المطلوبة.