هل يصح قياس التبرك بآثار الصالحين بالتبرك بالنبي صلى الله عليه وسلم ذاته وآثاراه؟
يستدلُّ المبتدعة على جواز التبرك بذوات الصالحين وآثارهم وقبورهم، بقياسهم سائر الصالحين بالنبي صلى الله عليه وسلم في التبرك بذاته وآثاره([1]).
الرد:
أولًا: لا يصح الاستشفاء بآثارِ الصالحين، وتقرير ذلك أنه لا يصح قياس غير النبي صلى الله عليه وسلم عليه في ذلك، وذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلم ليس كغيرِه، فقد خُصَّ بأشياء كثيرة ليست لغيره؛ إذ هو رسول الله وخيرته من خلقه، فاختصاصه بأمور دون غيره قد جاء مقررًا في الشرع، وهذا مما هو معلوم من الدين بالضرورة.
ثانيًا: أن التبرك بذاته وبآثاره سبب شرعي، جاء الشرع ببيانه، ولو كان ذلك حاصلًا لغيره من أصحابه وعموم الصالحين لجاء ذلك مُبَيَّنًا في الشرع، رحمةً للعباد، لاسيما وأن الداعي لذلك مما تَعُمُّ به البلوى، فلما لم يرشد النبي صلى الله عليه وسلم الناسَ إلى التبرك بغيره من الصالحين والاستشفاء بآثارهم دلَّ ذلك على عدم شرعية التبرك بآثار الصالحين عمومًا، وأن ذلك حكم خاصٌّ به دون سائر الأمة.
ثالثًا: على الرغم مما كان عليه الصحابة رضي الله عنهم تجاه آثاره صلى الله عليه وسلم وتسابقهم عليها تبرُّكًا واستشفاء، إلا أنهم لم يفعلوا ذلك مع غيره، ولقد كان فيهم أفضل الأمة وخيرها بعد نبيها صلى الله عليه وسلم، فهذا يدلُّ على تخصيص النبي صلى الله عليه وسلم بذلك دون سائر الأمة.
رابعًا: التبرك بآثار الصالحين سبب للغلو فيهم، بل قد يوصل إلى الإشراك بالله؛ كدعائهم والاستغاثة بهم، وطلب الشفاء منهم صراحة، والشريعة قد جاءت بسدِّ كلِّ باب مُفْضٍ إلى مفسدة، وخاصة إذا كانت تلك المفسدة متعلقة بأصل الرسالة وهو توحيد الله عز وجل([2]).
اضف تعليق!
اكتب تعليقك
تأكد من إدخال جميع المعلومات المطلوبة.