الحمدُ لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على سيِّدنا محمدٍ رحمةِ الله للعالمين، وعلى آله وصحبه وتابعيه بإحسانٍ، إلى يوم الدِّين ثم أما بعد؛ وَهما الشهران الخامسُ وَالسادسُ مِنَ الأشهرِ القمريةِ، وهما الشهران التاليان لشهرَي ربيع الأولِ وَالآخر.
يقولُ محمد العدناني: (جمادى الأولى وَجمادى الآخرة، وَيقولون وُلِدَ جمادى الأول، وَالصوابُ: وُلِدَ جمادى الأولى، وَقَدْ قَالَ الفراءُ: فَإِنْ سَمِعْتَ تذكيرَ جمادى فإنما يذهبُ إلى الشهرِ، وهوَ القائلُ: الشهورُ كُلُّها مذكرةٌ إلا جمادين، فإنهما مؤنثان.
وَجُمادى الأولى: هي الشهرُ الخامسُ مِنْ شهورِ السنةِ الهجريةِ، وَكانتْ تُسَمَّى جمادى خمسة.
وَجمادى الآخرة: فهي الشهرُ السادسُ مِنْ شهورِ السنةِ الهجريةِ، وَكانتْ تُسمى جمادى ستة.
وَيخطئُ مَنْ يقولُ: جُمادى الثانية بدلًا مِنْ جمادى الآخرة.
وجمعُ جمادى: جماديات أو جُمُد)([1]).
1 - سببُ التسميةِ:
سُمي بذلكَ لجمودِ الماءِ؛ لأنَّ الشهورَ على حسابِهم كانتْ لا تدورُ، وهذا فِيه نظرٌ؛ لأنَّ الشهورَ المنوطةَ بالأهلةِ لابدَّ منْ دورانِها.
وَلكنْ لعلَّ سببَ تسميتِها بذلكَ جمودُ الماءِ فيها، عنْ تسميةِ الشهورِ مِنَ البردِ، وَاستقُوه منَ الجمد، وهو الماءُ الجامدُ على وزنِ "فعالى"، فالتسميةُ وقعتْ فِي الشتاءِ حيثُ تتجمدُ المياه.
2 - فضلُها:
قالَ العلامةُ أبو الخطاب عمر بن دحية الكلبي: (ليسَ فيه حديثٌ عَنْ رسولِ اللهِ - صلى اللهُ عليه وسلم -)([2]).
قالَ العلامةُ صديق حسن خان: (لَمْ يَرِدْ فِي فضلِ هذين الشهرين أيضًا حديثٌ، وَلَمْ نقفْ عليه، وَلَمْ يذكرهما فِي كتابٍ مَا ثبتَ في السُّنةِ أيضًا، وَلَمْ يتكلمْ عليهما بكلامٍ)([3]).
2 - مَا أُحْدِثَ فيهما مِنْ بدعٍ:
وَهذان الشهران قيلَ فيهما مَا قيلَ فِي الربيعين مِنْ عَدَمِ اختصاصِ الرسولِ - صلى اللهُ عليه وَسلم - لهما بعبادةٍ مخصوصةٍ بهما.
يقولُ صاحبُ البدعِ الحوليةِ: (وهناك بعضُ الشهورِ لَمْ نَطَّلِعْ - حسبَ مَا وَسِعَنَا - فيها على بِدَعٍ؛ فلذلكَ لَمْ نوردها)([4])، وذكرَ منها جمادى الأولى وَجمادى الآخرة.
كَمَا أنني بحثتُ فَلَمْ أعثرٍ على بدعٍ وَللهِ الحمدُ، وَأخيرًا اطلعتُ على كتابٍ بعنوان: "التقويمُ العجيبُ فِي معرفةِ أسماءِ الأيامِ وَالتاريخِ الغريبِ"، لحبار المياح، ص(21)، حيثُ قَالَ عَنْ شهرِ جمادى الآخرة: (زعمُوا أنَّ معظمَ الحوادث تقعُ فِي هذا الشهرِ، حتى قالوا: العجبُ كُلُّ العجبِ بينَ جمادى ورجب)، وهذا زعمٌ وَادعاءٌ باطلٌ.
الهوامش
اضف تعليق!
اكتب تعليقك
تأكد من إدخال جميع المعلومات المطلوبة.