التوبة المشروعة هي الرجوعُ إلى الله، وإلى فعل ما أمر به على وجهِ إيجابٍ أو استحباب، وترك ما نهى عنه على وجهِ تحريمٍ أو كراهةٍ، فمن اقتصرَ على التوبةِ بالرجوع من ترك مأمورٍ واجبٍ أو فعلِ محظورٍ مُحَرَمٍ كان من الأبرار المقتصدين، ومَنْ تابَ التوبةَ التامة مِنْ تَرْكِ الواجبات والمستحبات ومِنْ فِعْلِ المحرمات والمكروهات؛ كان من السابقين المقربين، ومن لم يأتِ بالتوبة الأولى كان من الظالمين؛ إما الفاسقين، وإما الكافرين.
فإذا كان الأمر ينقسم إلى فِعْلِ مأمورُ وتَرْكِ محظورٍ، فهو كذلك ينقسم إلى واجبٍ ومستحبٍّ؛ فالتوبةُ إذًا تكون توبة واجبة وتوبة مستحبة، كما أشار إلى ذلك شيخ الإسلام - رحمه الله -([1]).
ثم من المعلوم من الدين بالضرورة أن التوبة تكون من السيئات، فالتوبة من الحسنات لا تجوزُ عند أحدٍ من المسلمين، فمن ندم على فعل الحسنات التي هي: الإيمان والأعمال الصالحة، فقد تابَ ورجع عما أمر اللهُ به من الواجبات، والرجوعُ عن الإيمانِ كفرٌ، والرجوعُ عن الأعمالِ الصالحة معصيةٌ إن كان عالمًا بذلك، وإن لم يعلم فهو جاهلٌ ضالٌّ([2]).
(وتوبة الإنسان من حسناته على أوجه؛ أحدهما: أن يتوبَ ويستغفر من تقصيرِه فيها، والثاني: أن يتوبَ مما كان يظنه حسنات ولم يكن، كحالِ أهل البدع، والثالث: يتوبُ من إعجابِه ورؤيته أنه فعلها، وأنها حلصت بقوتِه، وينسى فضلَ اللهِ وإحسانه وأنه هو المُنعم بها، وهذه توبةٌ من فِعْلِ مذمومْ وَتَرْكِ مأمورٍ)([3]).
فنخلص من هذا أن التوبة تكونُ من السيئات التي يعملُها العبدُ، سواء عَلِمَ أنها سيئات أو لم يعلم، أما التوبة من الحسنات فلا يجوز عند أحدٍ من المسلمين، فإنه إما يكون كفرًا أو فسقًا أو معصية، أما توبة العبد من الحسنات على الأوجه السابق ذكرها فهي من كمال الإيمان.
أما قول القائل: (حسناتُ الأبرارِ سيئاتُ المقربين)، فإنه ليس من كلام النبي صلى الله عليه وسلم ولا أحدٍ من الصحابة ولا التابعين لهم بإحسان، ولا سلف الأمة وأئمتها، وإنما هو من كلامِ المتأخرين، وليس بحجة، وإن كان له معنى صحيح، وقد يُحْمَلُ على معنى فاسدٍ تَحْتَمِلُه العبارةُ.
أما معناه الصحيح؛ فوجهان:
أحدهما: أن الأبرار يقتصرون على أداء الواجبات وترك المحرمات، وهذا الاقتصارُ سيئةٌ في طريق المقربين، ومعنى كون سيئة أنه يُخْرِجُ صاحبَه عن مقامِ المقربين فيُحْرَم درجاتهم، فالمقربون يتبوبون من الاقتصار على الواجبات، لا يتوبون من نفسِ الحسنات التي يعملُ مثلَها الأبرارُ، بل يتوبون من الاقتصارِ عليها، وفَرْقٌ بين التوبةِ من فعلِ الحسن، وبين التوبة من ترك الأحسن والاقتصار على الحسن.
والثاني: أن العبد قد يُؤْمَرُ بفعلٍ يكون حسنًا منه؛ إما واجبًا وإما مستحبًّا، لأن ذلك مبلغ علمِه وقُدْرَتِه، ومن يكون أعلم منه وأقدر لا يؤمرُ بذلك، بل يؤمرُ بما هو أعلى منه، فلو فعلَ هذا ما فعله الأولُ كان ذلك سيئةً.
مثالُ ذلك: أن العامي يُؤمر بمسألةِ العلماء المأمونين على الإسلامِ والرجوع إليهم بحسب قوة إدراكه، وإن كان في ذلك تقليدٌ لهم، إذ لا يُؤمر العبدُ إلا بما يقدرُ عليه، وأما العلماء القادرون على معرفةِ الكتاب والسنة والاستدلال بهما، فلو تركوا ذلك وأتوا بما يُؤْمَرُ به العامي لكانوا مسيئين بذلك.
وأما المعنى الفاسد، فأن يظنَّ الظانُّ أن الحسنات التي أمرَ اللهُ بها أمرًا عامًّا يدخلُ فيه الأبرار ويكون سيئات للمقربين، مثل من يظن أن الصلوات الخمس ومحبة الله ورسوله والتوكل على الله وإخلاص الدين لله ونحو ذلك هي سيئات في حقِّ المقربين!!
فهذا قولٌ فاسد، غلا فيه قومٌ من الزنادقة المنافقين المنتسبين إلى العلماء والعباد، فزعموا أنهم يَصِلُون إلى مقامِ المقربين الذين لا يُؤْمَرُون، فهي بما يُؤْمَرُ به عمومُ المؤمنين من الواجبات، ولا يَحْرُمُ عليهم ما يَحْرُمُ على عمومِ المؤمنين من المحرمات؛ كالزنا والخمر والميسر!!
وكذلك زعم قومٌ في أحوال القلوب التي يُؤْمَرُ بها جميعُ المؤمنين، أن المقربين لا تكون هذه حسنات في حقِّهم([4])!!
من خلال دراسة آيات التوبة في القرآن الكريم والبحث في معانيها؛ نجد أن لفظة التوبة جاءت فيه بمعانٍ متعددة، يمكن تقسيمها إلى قسمين رئيسين:
القسم الأول: توبة العبد إلى الله تعالى:
وقد وردت توبةُ العبدِ إلى ربِّه بمعانٍ متعددة:
توبة العبد بمعنى رجوعه من المعصية إلى الطاعة غير الكفر:
وهذا المعنى خاصٌّ بالمؤمنين، وتوبتُهم برجوعِهم من المعصية إلى الطاعة، سواء كانت معصيتهم من الصغائر أو الكبائر، وقد ورد هذا المعنى في عدة آيات:
قوله تعالى: {وَاللَّذَانِ يَأْتِيَانِهَا مِنْكُمْ فَآذُوهُمَا فَإِنْ تَابَا وَأَصْلَحَا فَأَعْرِضُوا عَنْهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ تَوَّابًا رَحِيمًا} [النساء: 16].
وقوله تعالى: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (38) فَمَنْ تَابَ مِنْ بَعْدِ ظُلْمِهِ وَأَصْلَحَ فَإِنَّ اللَّهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [المائدة: 38-39].
وهذه الآيات بعضُها ظاهرٌ أنه في المؤمنين خاصة، لوجود ما يدل على ذلك في نفس الآي، كندائهم بـ (يا أيها الذين آمنوا)، أو بـ(أيها المؤمنون)، أو بـ (منكم)، كما في الآية الأولى.
وفي البعض الآخر يُفهم المعنى من السياق نفسه، كتشريع حدِّ القذف، وبيان توبة القاذف، مع الاستعانة بكتب التفسير للتأكد من معنى الآي.
توبة العبد بمعنى رجوعه من الكفر إلى الإيمان:
كقوله سبحانه وتعالى: {كَيْفَ يَهْدِي اللَّهُ قَوْمًا كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ وَشَهِدُوا أَنَّ الرَّسُولَ حَقٌّ وَجَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (86) أُولَئِكَ جَزَاؤُهُمْ أَنَّ عَلَيْهِمْ لَعْنَةَ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ (87) خَالِدِينَ فِيهَا لَا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ وَلَا هُمْ يُنْظَرُونَ (88) إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [آل عمران: 86-89].
وقوله سبحانه وتعالى: {وَأَذَانٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ فَإِنْ تُبْتُمْ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللَّهِ وَبَشِّرِ الَّذِينَ كَفَرُوا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ} [التوبة: 3].
توبة العبد بمعنى رجوعه إلى الله تعالى مطلقًا:
وهذه الآيات التوبةُ فيها عامةٌ، يدخل فيها جميعُ الذنوبِ، صغيرها وكبيرها، الكفر وما دونه، فهي دعوةٌ لكلِّ من كان على ذنب أو خطيئة بالرجوع عنها والتوبة منها.
وقد جاء هذا المعنى في الآيات التالية:
قوله تعالى: {إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ فَأُولَئِكَ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا} [النساء: 17].
وقوله تعالى: {وَالَّذِينَ عَمِلُوا السَّيِّئَاتِ ثُمَّ تَابُوا مِنْ بَعْدِهَا وَآمَنُوا إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَحِيمٌ} [الأعراف: 153].
توبة العبد بمعنى رجوعه إلى ربِّه في الآخرة:
وقد ورد هذا في آيةٍ واحدة اختلف المفسرون في تأويلها؛ وهي قوله تعالى: {كَذَلِكَ أَرْسَلْنَاكَ فِي أُمَّةٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهَا أُمَمٌ لِتَتْلُوَ عَلَيْهِمُ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَهُمْ يَكْفُرُونَ بِالرَّحْمَنِ قُلْ هُوَ رَبِّي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ مَتَابِ} [الرعد: 30].
فمن المفسرين من ذهب إلى أن (المتاب) في هذه الآية بمعنى الرجوع إلى الله في الآخرة([5])، ومنهم من ذهب إلى أن (المتاب) هنا هو الرجوع إلى الله تعالى في الدنيا بالتوبة والإنابة([6]).
ومنهم من ذكر المعنيين([7]) كالإمام البقاعي، حيث أشار إلى ذلك بعبارةٍ وجيزةٍ فقال: ("وإليه": أي لا إلى غيره، "متاب": أي مرجعي معنى بالتوبة، وحِسًّا بالمعاد)([8])، ولفظُ الآية يتسع للمعنيين جميعًا ويشملهما كما قال البقاعي - رحمه الله -.
القسم الثاني: توبةُ اللهِ تعالى على عباده:
وقد وردت توبةُ اللهِ تعالى على عباده في القرآن على ثلاثة معانٍ:
توبةُ اللهِ على عباده بمعنى المغفرة لهم والقبول لتوبتهم:
وقد تكرر هذا المعنى في آياتٍ كثيرة من الآيات التي جاء فيها ذكرُ توبةِ اللهِ على عباده، وغالبًا ما تسبقُ توبةَ اللهِ تعالى ذكرُ توبةِ العبدِ أو استغفارِه، مما يبين أن المراد بتوبةِ اللهِ تعالى في هذه الآيات قبوله توبتهم ومغفرته لهم.
وهذا المعنى هو أهم معاني التوبة وأسماها، لأنه غايةُ كلِّ عبدٍ، ومطلبُ كلِّ تائبٍ، فمن عاد اللهُ عليه بالقبول وجادَ عليه بالغفران فقد فاز فوزًا عظيمًا.
ولهذا اقتصرَت كثيرٌ من كتب اللغة والغريب على ذكر هذا المعنى، ولم يُنَبِّهُوا على سواه، كالراغب الأصفهاني([9])، والجرجاني([10])، والدامغاني في "إصلاح الوجوه والنظائر"([11])، وسار على ذلك أصحاب الموسوعات القرآنية([12]).
وهذه الآيات هي:
قوله سبحانه وتعالى: {فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ} [البقرة: 37]([13]).
قوله سبحانه وتعالى: {وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَاقَوْمِ إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنْفُسَكُمْ بِاتِّخَاذِكُمُ الْعِجْلَ فَتُوبُوا إِلَى بَارِئِكُمْ فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ عِنْدَ بَارِئِكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ} [البقرة: 54].
توبةُ الله على عباده بمعنى التوفيق لهم([14]):
وَرَدَ هذا المعنى في عدة مواضع في القرآن الكريم، وإن كان بعض هذه المواضع يحتمل أن يُراد بتوبته عليهم سبحانه وتعالى التوفيق، ويحتمل القبول والغفران.
وهذه الآيات هي:
قوله سبحانه وتعالى: {لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ} [آل عمران: 128].
وقوله سبحانه وتعالى: {قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ (14) وَيُذْهِبْ غَيْظَ قُلُوبِهِمْ وَيَتُوبُ اللَّهُ عَلَى مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} [التوبة: 14-15].
توبةُ الله على عباده بمعنى التخفيف عنهم:
وقد وَرَدَ هذا المعنى في ثلاث مواضع([15]) من القرآن الكريم؛ وهي:
قوله تعالى: {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتَانُونَ أَنْفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنْكُمْ فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ} [البقرة: 187].
وقوله تعالى: {أَأَشْفَقْتُمْ أَنْ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَاتٍ فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُوا وَتَابَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ} [المجادلة: 13].
وتوبةُ الله تعالى على عباده في هذه الآيات هي الرجوع بهم إلى التخفيف والتيسير عليهم، سواء كان هذا التخفيف بالرجوع بهم من الحظر إلى الإباحة، كما في الآية الأولى، أو الرجوع بهم من الثقل إلى الخفة كما في الآيتين الأخرين.
([6]) انظر: تفسير الطبري، (16/445)، وتفسير ابن كثير، (2/515)، وتفسير أبي السعود، (5/21)، وفتح القدير، (3/82)، ومحاسن التأويل، القاسمي، (9/3678)، والتحرير والتنوير، ابن عاشور، (13/142)، وتفسير المراغي، (13/104)، والتسهيل، ابن جزي، (2/247).
([7]) انظر: البحر المحيط، أبو حيان، (5/391)، والكشاف، الزمخشري (2/288)، وروح المعاني، الألوسي، (13/153).
([12]) انظر: الموسوعة القرآنية، إبراهيم الإبياري وعبد الصبور مرزوق، (3/771)، والموسوعة الفقهية الكويتية، (14/119).
([14]) أشار إلى هذا المعنى الفيروزآبادي في "بصائر ذوي التمييز"، (2/304)، والشيخ المختار أحمد الشنقيطي في "الترجمان لآيات التنزيل"، (1/61)، وسعدي أبو حبيب في "القاموس الفقهي لغةً واصطلاحًا"، ص(49)، ولم يمثل أحدهم لهذا المعنى.
([15]) زاد عماد الدين الطبري - المعروف بالكيا الهراسي - في كتابه "أحكام القرآن"، مثالًا آخر لهذا المعنى، وهو قوله تعالى في قتل الخطأ: {وَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِنَ اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا} [النساء: 92]، وقيل معنى التوبة: التوسعة، وهي توسعة من الله ورحمة؛ كما قال: {فَتَابَ عَليكُم وَعَفَا عَنْكُم}، أحكام القرآن، (2/459).
وهذا وجهٌ ضعيفٌ في تفسير الآية؛ لذا أعرضتُ عن إيراده مع الآيات السابقة، وقد ذكر الكيا الهراسي الوجهَ الصحيح لمعنى التوبة في هذه الآية، وهو أن معنى "توبة من الله" أي واجبًا من الله، أي أنه أوجبه عليكم ليتقبل اللهُ توبتكم فيما أنتم منسوبون به إلى التقصير، انظر: أحكام القرآن، (2/459)، وهذا هو رأي جمهور المفسرين.
اضف تعليق!
اكتب تعليقك
تأكد من إدخال جميع المعلومات المطلوبة.