الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين، ثم أما بعد؛
1 - معنى الملك في اللغة:
قال ابن فارس: "الميم واللام والكاف، أصل صحيح، يدل على قوة في الشيء وصحة، يقال: أملَكَ عجينه: قوى عجنه وشدَّه، وملكت الشيء: قويته... والأصل هذا، ثم قيل مَلَكَ الإنسان الشيء يملكه ملْكاً، والاسم الملْك، لأن يده فيه قوية صحيحة. فالمِلْك: ما ملك من مال"[1].
وفي العين: "المُلْكُ لله المالك المليك، والملكوت: ملك الله، وملكوت الله سلطانه. والمَلْك: ما ملكت اليد من مال وخول"[2]. والمَلْك والمُلْك والمِلْك احتواء الشيء والقدرة على الاستبداد به[3]. فالملك في اللغة احتواء الشيء والقدرة عليه، وكونه تحت تصرفك.
2 - معنى الملك في الشرع:
ورد لفظ المُلْك والمَلِك والمالك ومالك الملك في آيات كثيرة من كتاب الله، منها قوله - تعالى -: {أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ لَهُ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ} [البقرة - 107] ، وقوله - تعالى: {رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنْ الْمُلْكِ} [يوسف - 101] ، وقوله - تعالى -: {فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ} [طه - 114] وغيرها. قال الطبري - رحمه الله - في تفسير قوله - تعالى -: {مَلِكِ النَّاسِ} [الناس - 2] : "وهو ملك جميع الخلق إنسهم، وجنهم، وغير ذلك، إعلاماً منه بذلك من كان يعظم الناس، تعظيم المؤمنين ربهم؛ أنه ملك من يعظمه، وأن ذلك في ملكه وسلطانه، تجري عليه قدرته، وأنه أولى بالتعظيم، وأحق بالتعبد له ممن يعظمه، ويتعبد له، من غيره من الناس"[4].
كما ورد لفظ الملك في السنة ومنه قوله - صلى الله عليه وسلم -: "يقبض الله الأرض يوم القيامة، ويطوي السماء بيمينه، ثم يقول: أنا المَلِك أين ملوك الأرض"[5]، ومعنى الملك في الكتاب والسنة، هو المعنى الوارد في اللغة، يقول شيخ الإسلام - رحمه الله :" والمُلك قد يراد به القدرة على التصرف، والتدبير، ويراد به نفسه التدبير، والتصرف، ويراد به المملوك نفسه، الذي هو محل التدبير، ويراد به ذلك كله"[6]، فالملك يعني التصرف والتدبير، والقدرة على ذلك.
وقال - رحمه الله - في معنى المَلك: "المَلك هو الذي يتصرف بأمر فيطاع"[7]، وقال - رحمه الله -: "الملَك هو الآمرالناهي المطاع"[8]. وقال الإمام ابن القيم - رحمه الله -:" والمَلك هو المتصرف بفعله وأمره"[9].
وقال ابن كثير في معنى المَلِك: "أي المالك لجميع الأشياء، المتصرف فيها بلا ممانعة، ولا مدافعة "[10]. وقال في معنى قوله - تعالى -: {قُلْ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ} [آل عمران - 26] : "أي أنت المتصرف في خلقك الفعال لما تريد"[11].
فالمُلك هو صفة ذاتية للرب - تعالى -، وتعني ملكه لجميع الأشياء، وتصرفه وتدبيره في ملكه بلا مدافعة ولا ممانعة، وقدرته على ذلك. والمَلِك من أسماء الله - تعالى -.
الهوامش:
[1] معجم مقاييس اللغة 5/351 - 352 وانظر الصحاح 4/1609 - 1611 لسان العرب 10/495.
[2] العين 5/89 وانظر اللسان 10/493.
[3] انظر: لسان العرب 10/492.
[4] تفسير الطبري 30/354.
[5] أخرجه البخاري في كتاب التوحيد باب قول الله - تعالى -: {مَلِكِ النَّاسِ} [الناس - 2] 4/380، ح 7382.
[6] مجموع الفتاوى 18/195.
[7] المرجع السابق 6/262، وانظر: تفسير ابن كثير 4/367.
[8] مجموع الفتاوى 6/262.
[9] بدائع الفوائد 4/165.
[10] تفسير ابن كثير 4/367.
[11] المرجع السابق 1/357.
اضف تعليق!
اكتب تعليقك
تأكد من إدخال جميع المعلومات المطلوبة.