الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين، ثم أما بعد؛
توحيد الألوهية يقال له توحيد العبادة باعتبارين، فباعتبار إضافته إلى الله يسمى: توحيد الألوهية، وباعتبار إضافته إلى الخلق يسمى: توحيد العبادة وهو: "إفراد الله عز وجل بالعبادة"[1]، لذا سندرس جملة من المسائل المرتبطة بتوحيد الألوهية... ومسائل مرتبطة بالعبادة.
الألوهية: مأخوذ من الإله.
والإله في اللغة: بمعنى المعبود.
في الشرع: هو المعبود محبة ورجاء وخوفًا ورغبة وتوكلًا واستعانة.
ومن الأدلة على أن الإله هو المعبود، ما جاء في حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "بني الإسلام على خمس شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدًا عبده ورسوله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وحج البيت وصوم رمضان"[2]، وقد جاء في بعض روايات الحديث – في صحيح مسلم – "بني الإسلام على خمس على أن يعبد الله ويكفر بما دونه..." الحديث.
وإذا تقرر معنى الإله، فإن توحيد الألوهية هو: (إفراد الله تعالى بالعبادة، وترك عبادة ما سواه)، بأن يُعبد الله وحده لا شريك له، وذلك بأن تُصرف جميع أنواع العبادة لله وحده، كالدعاء، والنحر، والخوف، والرجاء، والتعظيم، وسائر العبادات.
ويدل على ذلك من القرآن الكريم ما يلي:
قال تعالى: {قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (162) لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ} [الأنعام: 162، 163]
وقال تعالى: {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} [الكوثر: 2]
وتوحيد الألوهية هو سعادة المؤمنين وملجأ الطالبين، ونجاة المكروبين، وغياث الملهوفين، فلن يخلص الإنسان من آلام الدنيا ونكد عيشها إلا بعبادة الله تعالى وحده لا شريك له، ولو نال الإنسان أنواع ملذات الدنيا وشهواتها، ولم يحقق عبادة الله وحده فلن يحصل إلا على الألم والحسرة والعذاب.
قال تعالى: {وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى} [طه: 124]
فليس للقلوب سعادة ولا لذة تامة إلا بعبادة الله تعالى، والإعراض عن عبادة ما سواه، فإن اللذة والفرحة والسرور وطيب الوقت والنعيم الذي لا يمكن التعبير عنه إنما هو في محبة الله تعالى والتذلل له سبحانه والافتقار إليه جل وعلا.
الهوامش
[1] القول المفيد للشيخ العثيمين رحمه الله، ص1/9.
[2] رواه البخاري، كتاب الإيمان، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: «بني الإسلام على خمس»، ص1/11، رقم الحديث: (8)، ورواه مسلم في الإيمان باب أركان الإسلام ودعائمه العظام رقم الحديث (16).
اضف تعليق!
اكتب تعليقك
تأكد من إدخال جميع المعلومات المطلوبة.