الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، ثم أما بعد؛ فإن معتقد أهل السنة والجماعة في أسماء الله تعالى وصفاته، هو:
- أنهم يسمون الله بما سمى به نفسه في كتابه أو على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم لا يزيدون على ذلك ولا ينقصون منه.
- ويثبتون لله عز وجل ويصفونه بما وصف به نفسه في كتابه أو على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم من غير تحريف ولا تعطيل، ومن غير تكييف ولا تمثيل.
- وينفون عن الله ما نفاه عن نفسه في كتابه أو على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم.
ولا يتم الإيمان بأسماء الله تعالى عند أهل السنة والجماعة إلا بثلاثة أركان:
- الإيمان بالاسم.
- وبما دل عليه من معنى.
- وبما تعلق به من أثر.
فالركن الأول: وهو الإيمان بالاسم يتضمن:
- إثبات الاسم حقيقة لله، فهو سبحانه حي حقيقة، عليم حقيقة.
- الإيمان بأن الله سبحانه وتعالى منزه عن مماثلة المخلوقين، لقوله تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} [الشورى: 11]
- الإيمان بأن أسماء الله حسنى بالغة في الحسن كماله وغايته، قال تعالى: {وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى} [الأعراف: 180] وذلك لأنها متضمنة صفات الكمال، فلا نقص فيها بوجه من الوجوه.
الركن الثاني من أركان الإيمان بالاسم، فهو: الإيمان بما دل عليه الاسم من معنى ويتضمن:
- الإيمان بأن للأسماء معاني معلومة واضحة، وأن لكل اسم معنى يخصه.
- الإيمان بأن أسماء الله أعلام وأوصاف، فهي أعلام باعتبار دلالتها على الذات، وهي أوصاف باعتبار ما دلت عليه من المعاني، قال تعالى: {وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} [يونس: 107]، وقال تعالى: {وَرَبُّكَ الْغَفُورُ ذُو الرَّحْمَةِ} [الكهف: 58] فإن الآية الأولى أثبتت أن اسم الله (الرحيم) وفي الآية الثانية أثبتت صفة الرحمة التي تضمنها اسم الله (الرحيم).
الركن الثالث من أركان الإيمان بالاسم فهو: الإيمان بما يتعلق به من آثار:
مثل: اسم الله (الرحيم) متضمن لصفة الرحمة، ويتعلق به الأثر الذي ترتب عليه، قال تعالى: {وَمِنْ رَحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} [القصص: 73]، فالليل والنهار من آثار رحمة الله التي هي صفته والرحيم الذي هو اسمه.
المقارنة بين منهج أهل السنة والجماعة في باب الأسماء والصفات، مع أهل التعطيل:
التعطيل: مأخوذ من العطل، الذي هو الغلو والفراغ والترك، ومنه قوله تعالى: ، والمراد بالتعطيل في باب الأسماء والصفات: هو إنكار ما أثبت الله لنفسه من الأسماء والصفات، سواء كان كليًا أو جزئيًا وسواء كان ذلك بتحريف أو بجحود.
أولًا: إثبات الأسماء والصفات لله تعالى:
فأهل السنة والجماعة يجعلون نصوص القرآن الكريم والسنة الصحيحة هي الأصل في إثبات الأسماء والصفات أو نفيها، فهي توقيفية بمعنى أنها متوقفة على النص، أما أهل التعطيل فيجعلون عقولهم وآرائهم هي الأصل في إثبات الأسماء والصفات أو نفيها، فيعرضون نصوص القرآن الكريم والسنة الصحيحة على الشبه العقلية، فإن وافقت النصوص الشرعية الشبه العقلية أخذوا بها، وإن لم توافقها أعرضوا عنها.
مثال: صفة (اليدين) للرب تبارك وتعالى.
فأهل السنة يثبتون لله تعالى هذه الصفة حقيقة على الوجه الذي يليق به تبارك وتعالى، وذلك لورودها في قوله تعالى: {قَالَ يَاإِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْعَالِينَ} [ص: 75]
أما أهل التعطيل فينفون هذه الصفة عنه تبارك وتعالى استنادًا إلى الشبه العقلية لديهم، وهي لزوم مشابهة الخالق بالمخلوق في الاتصاف بهذه الصفة.
ثانيًا: تنزيه الله تبارك وتعالى عن مماثلة المخلوق:
فأهل السنة والجماعة ينزهون الخالق تبارك وتعالى عن مماثلة المخلوقين، لقوله تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} [الشورى: 11] ويصفون الخالق بصفات الكمال والجلال التي تقطع إيهام المشابهة بالمخلوقين، ثم إنه سبحانه لم يطلع أحدًا من خلقه على كيفية صفته، ولم يرد في النصوص الشرعية ما يدل على كيفية الصفات، ولم يكلفنا الله عز وجل بمعرفة كيفية الصفات وإنما أمرنا بالإيمان بها، لذا يلزم الإيمان بها وتنزيه الخالق عن مماثلة المخلوقين أما أهل التعطيل فإنهم توهموا من أسماء الله وصفاته التمثيل فنفوا تلك الصفات.
مثال: صفة (الاستواء على العرش) فأهل السنة والجماعة يثبتون لله تعالى استواءه على عرشه استواء حقيقيًا يليق بجلاله وعظمته، لقوله تعالى: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} [طه: 5]
أما أهل التعطيل فينفون هذه الصفة، لأن فيها كما يزعمون مشابهة باستواء المخلوقين – تعالى الله عما يقولون علوًا كبيرًا – ففروا من التشبيه ووقعوا في التعطيل.
اضف تعليق!
اكتب تعليقك
تأكد من إدخال جميع المعلومات المطلوبة.