د. أيمن بن سعود العنقري
الأستاذ المساعد بقسم العقيدة بجامعة الإمام
تعريف التخاطر: انتقال الأفكار من شخص إلى شخص آخر بدون استخدام وسائل الاتصال الحسية، ويعتبر شكل من أشكال (الإدراك خارج مجال الحواس).. إلا أن صحته لم تثبت نهائيًا بعد[1].
فهو إرسال الأفكار من شخص لآخر بدون استخدام الحواس من مشاعر وأفكار، وبعض المدربين في دورات تنمية الذات يربطون ذلك بتوارد الأفكار، مثل: أن يفكر شخص بصديق له، ثم بعد ذلك يتصل به الصديق بعد لحظات، فيدعون أن ذلك نوع من أنواع التخاطر! مع أن الأمر تقدير من االله أو مجرد اتفاق.
وفي كتاب (القدرات الخفية) [لمارك أوريف، ص 28] أشار لبعض صور التخاطر، فقال: "تجلس في منزلك.. في جو من الهدوء وبدون إزعاج، حدد الأصدقاء، وفكر به بكشف داخلي! وتخيل بأنك تهافته، وأمره بزيارتك في منزلك، خلال ساعة وفي النهاية ستجده يهاتفك بنفسه، أو أنه سيتقدم إلى منزلك، وإن لم يحدث ما كنت تتمناه، اعمد إلى المحاولة لمدة عشرين دقيقة أخرى على الأكثر وإن لم تأت التجربة.. كررها مستقبلاً ولعدة مرات فإنك ستجد النجاح بانتظارك".
فهنا يقول: فكر به بكشف داخلي، وهذا عند رواد الروحانية الباطنية الحديثة (الحدس والغنوص)، وهو شبيه بالإلهام والكشف لدى غلاة الصوفية.
والأخطر من ذلك: أن التخاطر مرتبط لدى مروجي الروحانية الباطنية الحديثة بعقيدة وحدة الوجود، فيرون أن التواصل بين الكائنات عن طريق التخاطر هو بسبب كونها جميعاً جزء من الإله، فالإنسان عندما يتواصل مع غيره يتواصل مع ذاته.
يقول المدرب حسين والي عن أسرار التخاطر ذاكراً صلته الوثيقة بعقيدة وحدة الوجود: "التخاطر هو أن يتواصل اثنان مع بعض دون وسائل اتصال يفكر واحد في شيء ثم تصل الآخر نفس الرسالة، لا بد أن نعرف كيف نحن متصلين بالكون.. الذي يكون الكون هو الذي يكون الناس جميعاً وكل شيء في الكون، كلنا متصلين ببعضنا" وهذا في مقطع له على اليوتيوب.
أقول: دعوى معرفة ما في الضمائر أو الصدور بلا قرائن صحيحة هو ادعاء لعلم الغيب؛ لعدم معرفة الإنسان ما لا يدرك بالحواس، فما في الصدور والضمائر غائب عن الحس، واالله جل وعلا المتفرد بما غاب عن الحس، قال تعالى: {يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ} [غافر: 19]، وقال تعالى: {وَإِنْ تَجْهَرْ بِالْقَوْلِ فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى} [طه: 7] فهو سبحانه يخبر نبيه أن الجهر بالقول أو إسراره سواء عنده، وأنه يعلم أخفى من السر وهو حديث النفس الذي لم يقع بعد.
قال ابن جرير الطبري في تفسير الآية: "والذي هو أخفى من السر ما حدث به المرء نفسه ولم يعمله"، فالتخاطر ادعاء لمعرفة ما غاب عن الحس مما يكون في الصدور، فمعرفة ما في النفوس والضمائر من خصائص ربوبية االله، ومن ادعى معرفته بالتخاطر فقد نازع االله في ربوبيته سبحانه وتعالى.
صلاح الراشد (مروج الروحانية الحديثة في العالم العربي) جعل للنفس البشرية قدرة لمعرفة الغيب من القدر في الماضي والمستقبل، وادعى كذباً أنها إمكانية أودعها االله في الإنسان، فقال كما في كتابه قانون الجذب [ص28]: "لدى النفس القدرة على الاتصال في القدر ومعرفة الماضي والحاضر والمستقبل"، وقال: "الإنسان عندما يكون في صفاء نفسي.. فإنه يتصل بهذا المصدر، أي لا يحتاج أن ينام ليرى، أي قد يرى الإنسان أحداثاً من الماضي والحاضر والمستقبل كونه يدخل في هذه النفسية".
هذا واالله من كذبه ومنازعته لخاصية من خصائص ربوبيته سبحانه وتعالى الذي قال عنه: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ} [آل عمران: 179]
الهوامش:
[1] انظر: الباراسيكولوجي حقائق وغرائب، محمد العزب، ص17.
اضف تعليق!
اكتب تعليقك
تأكد من إدخال جميع المعلومات المطلوبة.