الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ثم أما بعد؛ يستدلُّ المبتدعة بجواز البناء على القبور والعكوف عندها بكون قبرِ النبي صلى الله عليه وسلم في المسجد([1]).
الرد:
أولًا: إدخال الحجرة في المسجد ليس هو من فِعْلِ الصحابة رضي الله عنهم، بل إن ذلك لم يكن إلا في زمن الوليد بن عبد الملك، ولقد وُسِّعَ المسجدُ في زمن عمرَ وعثمان - رضي الله عنهما -، ورغم الحاجة إلى إدخال الحجرة في المسجد لأجلِ التوسعة إلا أنهم لم يفعلوا ذلك، وما ذاك إلا لِمَا كانوا عليه من الحذرِ من أن يكون القبر في المسجد، وقوفًا عند وصية النبي صلى الله عليه وسلم في آخر حياته.
ثانيًا: قال الحافظ أبو العباس القرطبي: (ولهذا بالغَ المسلمون في سدِّ الذريعةِ في قبرِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم ، فأعلوا حيطان تربتِه، وسدُّوا المداخلَ إليها، وجعلوها محدقة بقبرِه صلى الله عليه وسلم ، ثم خافوا أن يُتخذَ موضع قبرِه قبلةً، إذ كان مستقبل المصلين، فتُصَوَّرُ الصلاة إليه بصورةِ العبادةِ، فبنوا جدارين من ركني القبرِ الشماليين وحرفوهما، حتى التقيا على زاويةٍ مُثَلَّثَةٍ من ناحيةِ الشمال، حتى لا يتمكنَ أحدٌ من استقبالِ قبرِه)([2]).
ثالثًا: قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله -: (وكانت حجرةُ النبيِّ صلى الله عليه وسلم خارجةً عن مسجدِه، فلما كان في إمرةِ الوليدِ بن عبد الملك كتبَ إلى عمرَ بن عبد العزيز - عامله على المدينةِ النبويةِ - أن يزيدَ في المسجدِ، فاشترى حُجَرَ أزواجِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم ، وكانت شرقي المسجِد وقبلته، فزادَ في المسجدِ فدخلت الحُجْرَةُ إذ ذاك في المسجدِ، وبنوها مُسَنَّمَةً عن سمت القبلة لئلا يصلي أحدٌ إليها)([3]).
رابعًا: إدخال الحجرة في المسجد لم يكن إلا في قرابة التسعين من الهجرة([4])، لما مات أكثر الصحابة، بل ظاهرُ الأمر أنه لم يبق في المدينةِ منهم أحدٌ، ولقد ذُكِرَ أن سعيد بن المسيب - رحمه الله -، وهو من كبارِ التابعين، قد أنكرَ إدخال القبرِ في المسجدِ خشيةَ أن يُتخذ مسجدًا([5]).
الهوامش
اضف تعليق!
اكتب تعليقك
تأكد من إدخال جميع المعلومات المطلوبة.