الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ثم أما بعد؛ يستدلُّ المبتدعة على جواز الاستغاثة بالنبي صلى الله عليه وسلم بالقصص التي يكون فيها انتفاع من يأتي إلى قبره صلى الله عليه وسلم ويستغيث به صلى الله عليه وسلم، ويذكرون من ذلك قصصًا كثيرة، ويجعلونها من أوضح الأدلة على مشروعية الاستغاثة به، وأنها من أعظم القرب، بل وأنها سببٌ لقضاء الحاجات لا تتخلف عنه.
ومن ذلك ما قاله النبهاني: (وقد صارَ من المجرَّبَات أن من استغاثَ به صلى الله عليه وسلم إلى اللهِ بإخلاصٍ وصدقٍ والتجاء تُقضى حاجتُه مهما كانت)([1]).
الرد:
أولًا: النصوصُ الثابتة الواردة عن نهي النبي صلى الله عليه وسلم أن يُتخذ قبرُه عيدًا، وأنه قد لعن الذين يتخذون قبورَ الأنبياء مساجد؛ قال صلى الله عليه وسلم: ((لعنةُ اللهِ على اليهودِ والنصارى اتخذوا قبورَ أنبيائِهم مساجد))([2])، قال تعالى: {وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَنْ لَا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَنْ دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ } [الأحقاف: 5].
ثانيًا: ليس معنى استجابة الدعاء عند قبر النبي صلى الله عليه وسلم أنها دليل على جواز الاستغاثة به صلى الله عليه وسلم، قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله -: (وأما إجابةُ الدعاءِ فقد يكون سببُه اضطرارَ الداعي وصدقَ التجائِه، وقد يكون سببُه مجردَ رحمةِ اللهِ له، وقد يكون أمرًا قضاه اللهُ لا لأجلِ دعائِه، ... فإنا نعلمُ أن الكفارَ قد يُستجاب لهم فيُسقون ويُنصرون ويُعافون ويُرزقون مع دعائِهم عند أوثانِهم وتوسلهم بها؛ قال تعالى: {كُلًّا نُمِدُّ هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاءِ مِنْ عَطَاءِ رَبِّكَ وَمَا كَانَ عَطَاءُ رَبِّكَ مَحْظُورًا} [الإسراء: 20])([3]).
ثالثًا: الناظر لتلك القصص لا يجد فيها مروي صحيح عن الصحابة رضي الله عنهم، بل ولا عن أحد من سلف الأمة الأبرار المعروفين.
الهوامش
اضف تعليق!
اكتب تعليقك
تأكد من إدخال جميع المعلومات المطلوبة.