الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ثم أما بعد؛ يستدلُّ بعض المبتدعة على جوازِ الاستغاثة ببعض الأحاديث الدالة على أن المرء إذا كان في صحراء أو أرض ليس فيها أنيس، وأراد عونًا؛ فلينادِ: ((يا عبادَ اللهِ أعينوني))، وما كان بهذا المعنى([1]).
ومنها ما جاء عن عتبة بن غزوان رضي الله عنه، عن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إذا أضلَّ أحدُكم شيئًا أو أرادَ أحدُكم عونًا، وهو بأرضٍ ليس بها أنيس، فليقل: يا عبادَ اللهِ أغيثونِي!! يا عبادَ اللهِ أغيثونِي!! فإنَّ للهِ عبادًا لا نراهم))([2]).
الرد:
أولًا: هذا الإسناد فيه انقطاع بين زيد وعتبة رضي الله عنه، وقال الإمام الألباني: (الحديثُ ضعيفٌ لا يُحتج به)([3])، وعلى فرض صحته فمعناه ليس فيه استغاثة بالأمواتِ والغائبين.
ثانيًا: قال الشيخ محمد ناصر الدين الألباني - رحمه الله -: (ومع أن هذا الحديثَ ضعيفٌ، فليس فيه دليلٌ على جوازِ الاستغاثةِ بالموتى من الأولياءِ والصالحين، لأنه صريحٌ بأن المقصودَ بـ (عباد الله) فيه خلقٌ من غيرِ البشر، بدليلِ قولِه في الحديث: ((فإن للهِ عبادًا لا نراهم))، وهذا الوصفُ إنما ينطبقُ على الملائكةٍ أو الجنِّ، لأنهم الذين لا نراهم عادةً)([4]).
ثالثًا: لو كان دعاء الموتى والغائبين سببًا موافقًا للشريعة؛ لكانت الدلالة إليه والحث عليه أولى من غيره؛ إذ أن البلوى به أعم من حاجة الذين تنقطع بهم الأسفار ويضلُّون في الأرض الفلاة، ولكن نبينا صلى الله عليه وسلم قد قطع للشرك كلَّ دابرٍ، وسدَّ كل بابٍ إليه، ولهذا لم يقل مرة: إذا ضلَّ أحدُكم أو أصابه ضرٌّ فليأتني في قبري، أو ليدعني من مكان بعيد.
الهوامش:
([1]) صلح الإخوان، ابن جرجيس، ص(52)، البراهين الساطعة، القضاعي، ص(446)، الصواعق الإلهية، سليمان بن عبد الوهاب، ص(94)، شواهد الحق، النبهاني، ص(173)، مفاهيم يجب أن تصحح، المالكي، ص(147)، وانظر: الرد على شبهات المستغيثين بغير الله، ابن عيسى، ص(82)، الصراع بين الإسلام والوثنية، عبد الله القصيمي، (2/329).
اضف تعليق!
اكتب تعليقك
تأكد من إدخال جميع المعلومات المطلوبة.