الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ثم أما بعد؛ يستدلُّ المبتدعة على جواز الاستغاثة بالنبي صلى الله عليه وسلم، بما رُوي عن الرجل الذي جاء يشكو الجدب عند قبر النبي صلى الله عليه وسلم في عهد الصحابة([1]).
الرواية: (ما رواه مالك خازن عمر رضي الله عنه، قال: أصابَ الناسَ قحطٌ في زمنِ عمرَ، فجاءَ رجلٌ إلى قبرِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم؛ فقال: يا رسول اللهِ، استسقِ لأمتِك فإنهم قد هلكُوا، فأتى الرجلَ في المنامِ فقيلَ له: إئتِ عمرَ فأقرئه السلامَ وأخبرْه أنكم مسقيون، وقل له: عليك الكيس عليك الكيس، فأتى عمرَ فأخبرَه فبكى عمرُ، ثم قال: يا ربِّ لا آلو إلا ما عجزتُ عنه).
الرد على الشبهة:
أولًا: قال تعالى: {وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا} [الجن: 18].
ثانيًا: ما يتعلق بإسنادِ هذا الأثر؛ قال أهل العلم أن مالك الدار راوي القصة مجهول، فقد ذكره البخاري في "التاريخ الكبير"([2])، وابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل"([3])، ولم يذكرا فيه جرحًا ولا تعديلًا.
ثالثًا: على فرض بصحة هذه القصة، فإنها لا تقاوم النصوصَ الصريحةَ التي جاءت برواية الأثبات المشهورين عن النبي صلى الله عليه وسلم ونهيه وتشديده في اتخاذ القبور مساجد وأعيادًا.
رابعًا: قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله -: (سؤالُ الميتِ والغائبِ، نبيًّا كان أو غيره، من المحرمات المُنْكَرَةِ باتفاقِ أئمةِ المسلمين)([4]).
خامسًا: قال الشيخ عبد العزيز بن باز - رحمه الله -: (هذا الأثرُ ليس بحجةٍ على جوازِ الاستسقاءِ بالنبيِّ صلى الله عليه وسلم بعد وفاته، لأن السائلَ مجهولٌ، ولأن عملَ الصحابةِ - رضوان اللهِ عليهم - على خلافِه، وهم أعلم الناس بالشرعِ)([5]).
سادسًا: قال الشيخ عبد اللطيف بن حسن - رحمه الله -: (وفي الحديثِ المذكورِ أنه أمرهم أن يذهبوا إلى عمرَ فيستسقي لهم، فأرشدَهم يقظةً ومنامًا إلى سؤالِ اللهِ والرغبةِ إليه، والاستغاثةِ به وحدَه، وكفى بهذا دليلًا على إبطالِ هذه الدعوى الضالة)([6]).
([1]) الدرر السنية، دحلان، ص(9)، شواهد الحق، النبهاني، ص(138)، التبرك، علي الأحمدي، ص(148)، وانظر: الصراع بين الإسلام والوثنية، القصيمي، (2/485).
اضف تعليق!
اكتب تعليقك
تأكد من إدخال جميع المعلومات المطلوبة.