الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ثم أما بعد؛ يستدلُّ المبتدعة على جواز الاستغاثة بالأموات وطلب الحوائج منهم؛ بأنه لا يُراد بها أنهم يقضون ذلك على الحقيقة بالخلق والإيجاد، بل المراد أن يشفعوا عند الله تعالى بقضائها، فهم أسبابٌ في قضائها، أما الخلق والإيجاد فمن اللهِ تعالى وحده، وهي شبهة مشهورة بالمجاز العقلي([1]).
يقول أحمد زيني دحلان: (إذا قلتُ: "أغثني يا رسول الله"، تريدُ الإسنادَ المجازي باعتبارِ التسبب والكسب والتوسط بالشفاعةِ)([2]).
الرد:
أولًا: ما يسموه مجازًا هنا هو استغاثةٌ بالأموات وجعلهم وسائط وشفعاء، وذلك ما كان يفعله المشركون السابقون؛ قال تعالى: {وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى} [الزمر: 3].
ثانيًا: قال الشيخ محمد بشير السهسواني - رحمه الله -: (لو سلم هذا - المجاز - لاستحالَ الارتدادُ، ولغابَ بابُ الرِّدَّةِ الذي يعقده الفقهاءُ، فإن المسلمَ الموحدَ متى صدرَ منه قولٌ أو فعلٌ موجِبٌ للكفرِ وجبَ حملُه على المجازِ العقلي، والإسلامُ والتوحيدُ قرينة على ذلك المجازِ)([3]).
ثالثًا: أن الكلام متى فُهم منه معنى حقيقي فهو محمول على ذلك المعنى، ولا نحتاج أن نحمله على مجازٍ ولا غيره.
رابعًا: أن المجاز لا يعرفه كثيرٌ ممن يعكفون على القبورِ ويستغيثون بأهلِها، بل ظاهر حالهم يدلُّ على اعتقادٍ قائمٍ في النفس بأن أولئك المدعوين قادرون على التصرف، وأنهم يكشفون الضرَّ ويرفعون البلوى.
الهوامش
اضف تعليق!
اكتب تعليقك
تأكد من إدخال جميع المعلومات المطلوبة.