يجيب «برنارد لويس» عن هذا التَّساؤل الهام بقوله: (إذا رجعنا إلى الصُّوفيَّة نجدها تقدِّم شيئًا أفضل من السَّماحة، فالمنهج للنَّاس الذين لهم ديانات أخرى غربية قد عرض بالكتابة الصُّوفية ولم يكن له نظير في التوافق والانسجام، فمثلًا: نجد قصائد روميَّة عن ابن عربي باللغة التُّركيَّة تشير إلى أن كلَّ الأديان متشابهة ولها نفس الغرض ونفس الرِّسالة ونفس الاتصال، وكلُّهم يعبدون الله، ولكنْ هناك اختلاف بسيط، فالله في الكنيسَة هو الله
في المسجد).
ويؤكد كلامه بقوله: (ولذا فنحن مواجَهون بالأسئلة التالية: هل نحن كأمريكيِّين سندعم الصُّوفيِّين أم سنعمل مع الوَهَّابيِّين؟ وإذا عملنا مع الوَهَّابيين فإنَّنا سنخاطر بالعمل مع الإرهابيِّين بينما ليس هناك خطر مع الصُّوفيِّين).
وفي نهاية المؤتمر كان ثمَّة تساؤلاتٍ من الحضور للمحاضرين نُثْبِت منها:
لقد سُئِل المستشارون عمَّا إذا كان الصُّوفيون يستطيعون تلبية وتنفيذ اهتمامات معظم المسلمين، والمتمثلة في مطالبهم السِّياسية البسيطة، إضافةً إلى احتياجاتهم الاقتصاديَّة والاجتماعيَّة، وذلك مقارنة بما يحدث ويتمُّ تنفيذه في العالم الغربي، وبهذا العمل يمكن تحجيم انتشار الوهَّابيَّة؟
وقد خَلُصَ الشَّيخ قبَّاني إلى أنَّ الصوفية يستطيعون أن يلعبوا دورًا كبيرًا في تأسيس وبناء جسور بين مختلف الثَّقافات في كافة المجتمعات في جميع البلدان، إذا أعطيت الفرصة للصُّوفية وتمَّ تشجيعهم، فسوف يكونون قادرين على إنجاز الكثير على طريق السلام.
السؤال الأخير للمشاركين في النِّقاش كان عن مقترحات قدمت لحكومة الولايات المتَّحدة الأمريكيَّة حول تطوير الحوار مع العالم الإسلامي، قال لويس ببَساطة: «أنا أقترح أن يكون الحوار مع الشَّيخ القبَّاني».
لكن من هو هشام قبَّاني الذي نَصَح بالتعامل معه برنارد لويس([1])؟
ينتمي الشَّيخ محمَّد هشام قبَّاني للصُّوفية النَّقْشَبنديَّة، وهو صهر الشَّيخ (ناظم حقَّاني) -شيخ الطريقة النَّقْشَبنديَّة- ومندوبه في الولايات المتَّحدة، ويمكن اعتباره حلقة الوصل الأساسيَّة بين الإدارة الأمريكيَّة والأوساط الفكريَّة الغربيَّة وبين الطريقة النَّقْشَبنديَّة الصُّوفية، أو ما أصبح الآن مُصطلحًا رائجًا في الأوساط الغربيَّة الفكريَّة وهو (الإسلام الكلاسيكي).
يعتبره أنصاره العالم الواعِد والمبشِّر بتعاليم السَّلام والتسامح والاحترام والمحبَّة، والتي هي مبادئ الإسلام كما يزعمون، والمؤمنون يعلمون كَذب تلك الدَّعاوي؛ لأنهم يركِّزون على الجوانب السِّلبيَّة في هذه المعاني العظيمة ويَنسِفُون عقيدة الولاء والبراء، وقد مضى على قباني في الولايات المتَّحدة ما يزيد عن عشرين سنة تقريبًا.
أما بالنسبة لخلفيَّاته، فهو لبناني من عائلة مشهورة هي عائلة القبَّاني، وقد تخرج باختصاص الكيمياء من الجامعة الأمريكيَّة في بيروت، وحصل على شهادة في الفقه الإسلامي من دمشق في سوريا، والتقى مع الشَّيخ عبد الله الداغستاني([2]) وهو وريث الشَّيخ ناظم حقَّاني، وهو يحمل إجازة منه بقيادة وتدريس الطريقة النَّقْشَبنديَّة.
وقد اهتمَّ قبَّاني بالأعمال التنظيميَّة؛ فقد ساهم في تأسيس عدد من المؤسَّسات في أمريكا، من أهمِّها: (المجلس الإسلاميِّ الأعلى) والذي يهدف إلى رسم مستقبل المسلمين في أمريكا وفي أرجاء العالم.
وقد اعترف بهذا المجلس صانعو القَّرار في أمريكا والأكاديميون باعتباره المجلس المختص والأفضل في طرح (الإسلام الكلاسيكي) حسب تصنيفهم.
وقد قدَّم قباني في يناير عام (1999م) محاضرة في وزارة الداخلية الأمريكية بعنوان (التطرُّف الإسلامي وخطورته على الأمن القوميِّ الأمريكيِّ) وعلَّق فيما بعد بأن حدسَه كان صائبًا بتوقعه لأحداث (11/9/2001م)، وأوضح لهم أنَّهم كصُّوفيِّين يبقون هم المتحدِّثون الأهم عن الجمعيَّات الإسلاميَّة لمحاربة الإرهاب والتجمُّعات المتطرِّفة الدينيَّة([3]).
علمًا بأن علاقة هذا المجلس بالبيت الأبيض قويةٌ جدًا، بل هم يمارسون دور المستشارين عن الإسلام، ويساعدون الأمريكان في رسم سياستهم الخارجيَّة والداخلية التي تؤثر على مستقبل الشُّعوب والمجتمعات الإسلاميَّة، وعادةً ما تتِمُّ المقابلات الرُّوتينيَّة بين أعضاء هذا المجلس وبين (بوول وولفيتز) نائب وزير الدفاع الأمريكي لمناقشة الإسلام والحرب على الإرهاب... حتى إن «ولوفتس» لقب الشَّيخ القبَّاني: بـ (الرجل الشجاع والأهم بأمريكا)!! لأنه يبشِّر بالقِيَم مثل (كرامة الإنسان، حريَّة الرَّأي، العدالة المتساوية، احترام المرأة والتسامح الديني)!! كما أن السيناتور الجمهوري (دايل كلدي) أثنى على المجلس وعلى (مسجد ومؤسَّسة الصديق) وهو المسجد الوحيد الذي افتتح بعد أحداث (11/9) ويتبع لمجلسهم، وذلك في جلسة الكونغرس في (16/نوفمبر/2001م) وقال عنهم: (إنَّهم يمثِّلون الإسلام الحقيقي المتسامح)([4]).
ويعتبر قبّاني من الدعاة النشيطين جدًّا في تبليغ دعوته، وتكفي نظرة سريعة لجدول رحلاته لمعرفة أنه قد زار تايلاند وإندونيسيا وماليزيا وأوزبكِستان([5]) وباكِستان والهند وسيريلانكا واليابان وتُركيا وإنجلترا وإسبانيا والمغرب وبلاد الشَّام وغيرها من الدول.
واستُقبل في هذه الرحلات -وبعضها كان مع شيخه ناظم حقَّاني- استقبالًا رسميًّا وعلى مستوياتٍ عليا، مما يدلل على حجم النَّقْشَبنديَّة وكثرة مريديها، وحاجة الحكَّام دائمًا لأصوات تتمسَّح بالدِّين كي تساعدها.
وقد اشتهر الشيخ قبَّاني بكراهيته لأهل السُّنة وعدائه الشديد لهم، حتى إنِّه لما سئل في صحيفة صنداي استريت تايمز([6]):
هل تقول: إنَّ الوَّهابية هي المصدر الرئيس للإرهاب؟
أجاب: (بالطبع نعم؛ فإن الإسلام ظلَّ مسالمًا ولا يسمح بالعدوان، إلا أنَّ أصحاب المذهب الوهابي نشروا الأفكار المتطرِّفة ومولوها بأموال النِّفط، اليوم نجد الوهَّابية في كل مكان وليست فقط في السُّعودية، وإذا ذهبت إلى أي مسجد ستجد الكتب القادمة من السُّعودية عن محمَّد بن عبد الوهاب (مؤسِّس الوهَّابية) ولن تجد إلا الكتب التي كتبها علماء السعودية).
وكان من ضمن إجابته على سؤال طرحته الصحيفة في نفس العدد هو:
كيف يمكن الحدّ من نشاط الوهابيين؟
فردَّ قائلًا:
(علّموا الطلاب الصُّوفية، حيث يجب أن يتعلَّم الطُّلاب كيف يصبحون محبِّين للسَّلام وكيف يصبحون جزءًا من المجتمع الكبير، فالوهَّابية تحرِّض الطلاب على ألَّا يكونوا جزءًا من المجتمع الكافر، ولكن ينبغي الاندماج والتكامل مع النِّظام الذي يعيش فيه المرء، ففي سنغافورة مثلًا ينبغي أن يكون المرء جزءًا من نظامه الفريد، فلا تستطيع القول: أنا مسلم وأن الآخر صينيّ، فكلا المسلم والصيني مواطن خاضع لنظام معيَّن، أما الدِّين فمسألة بين المرء وبين الرَّب، هكذا يقول الإسلام، ودعني أقترح بعدم استيراد العلماء فهم يأتون من الشرق الأوسط وأفريقيا وهم يحمِلون عقليَّة البلاد التي أتوا منها، والرأي عندي هو أن يكون التدريس في الجامعات من المقررات التي يوافق عليها العلماء الحديثيون والمعتدلون).
تحريض قبَّاني للحكومة الأمريكية ضد أهل السنة:
وقد قامت وزارة الخارجية الأمريكية بنشر وتوزيع جلسة استماع للشيخ محمَّد هشام قبَّاني، وقد جاء نشر هذه الأشرطة بعد مطالبات عديدة من قبل مؤسَّسات إسلاميَّة للاطلاع على فحوى جلسات الاستماع التي لم يُعلَن عنها، والتي طُلِبَ من الراغبين في حضورها الحصول على تصريحٍ أمنيٍّ للحضور.
وقد تطرق قبَّاني في هذه الجلسة لقضايا الأمن القوميِّ والتطرُّف، ولأهميَّة وخطورة ما ذكر في الجلسة نقتطف منها بعض المقاطع، علمًا أن بعض المؤسسات الإسلامية تقرر أن تقوم بنشر كافَّة وقائع الجلسة على الشَّبكة الدُّولية وكذلك شريط الفيديو.
بدأ قبَّانيُّ حديثه قائلًا: (أريد الحديث إليكم بصـراحة ومن باب تقديم النَّصيحة إلى حكومة الولايات المتَّحدة الأمريكية وإدارتها حتى ينتبهوا إلى الخطر الكبير الذي يمكن أن يؤدِّي في النهاية إلى قيام اضطرابات في الولايات المتَّحدة، وهذه المشكلة التي أتحدث عنها والتي تهدِّد الأمن القومي للولايات المتحدة هنا يمكن أن تتفاقم إذا لم تَقْدُم القيادة بالتحرك السريع لمواجهتها ووقْفِها.
إنَّنا نريد أن ننصح حكومتنا الأمريكيِّة وأعضاء الكونغرس أن هناك شيئًا كبيرًا يدور وأنتم لا تعرفونه، وهو أنَّه يوجد العديد من المساجد في الولايات المتَّحدة، وأن الحكومة الأمريكيَّة ليست لها سياسة تجاه هذه المساجد لتنظم عملها كما هو حاصل في الدُّول الإسلاميَّة حيث لا يُسمح بفتح المساجد هكذا، ولهذا لا يوجد فكر متطرف في هذه الدول الإسلامية، وإن وُجِدَ تقوم الحكومة بطردهم من المساجد وإبدالهم بالعلماء التقليديِّين.
وأخطر شيءٍ يدور في هذه المساجد هو هذا الفكر المتطرِّف، وأصحابه نشيطون للغاية، وهؤلاء سيطروا على (80%) من المساجد في أمريكا والتي يصل عددها إلى ثلاثة آلاف مسجدٍ، ولهذا يمكن القول: إنَّ الفكر المتطرف هذا ينتشر بين (80%) من المسلمين خصوصًا الشَّباب والجيل الجديد...).
وقد تطرَّق الحديث بعدها للمنظمات الإسلامية، فقال: (يجب أن تنظر الحكومة الأمريكيَّة في المنظَّمات الإسلاميَّة، والتي تتحدث باسم المسلمين على أساس أنَّها مؤسَّسات متطرِّفة، لكنَّ هؤلاء استطاعوا خطف الميكرفون، وبصفتهم متحدِّثون بارعون أعطوا فكرةً خاطئةً عن الإسلام وما خفي كان أعظم).
ويضيف قائلًا: (لقد نصبوا العداء للصوفية بشكل مطلق؛ لأنهم -أي: الوهَّابيين- يؤمنون أنَّه بإمكانك أن تصل إلى الله مباشرةً دون الحاجة لقديس-ولي- أو أي شخص آخر بإمكانه مساعدتك، المسلمون التقليديون وعلى مر (1300) إلى (1400) سنة -وإلى يومنا هذا- يؤمنون أنَّه بالإمكان أن يكون هناك وسيطٌ بينك وبين الله، هذه العقيدة -الوهَّابية- تحرِّم هذا الأمر تحريمًا كاملًا, ولكنَّها لم تتَّخذ طابعًا تنظيميًّا إلا من فترة قريبة, حيث تمكنت من دعم تواجدها في عدة مناطق في العالم، للأسف فقد تنامى نُفُوذُهم في بلدانٍ عديدةٍ).
ويستمر في قوله: (وتمَّ مؤخرًا الكشف في أوروبا بين لندن وفرنسا وكل أوروبا عن شبكةٍ كبيرةٍ من النساء([7]) تديرها نساء مسلمات يتغطين من فوق إلى تحت خلال النهار، أمَّا في الليل فيقمن علاقات مع مسئولين كبار من مختلف دول العالم للحصول على المعلومات منهم وتوصيلها للمُتطرفين).
ثمَّ دار الحديث عن إسرائيل، فقال قبَّاني في معرض جلسة الاستماع: (وحتَّى في إسرائيل حيث وُقِّعَت اتِّفاقية سلام معها، ولا أقول: إنها قبلت من كافَّة الدول الإسلاميَّة، لكن معظمها قَبِلَها ووافق عليها، ولذا فإن القتال أصبح غير شرعي، وخصوصًا في ظل وجود قيادةٍ شرعيةٍ ديمقراطيةٍ منتخبةٍ من قبل الفلسطينيين ممثلة في عرفات).
وفي ردِّه على سؤال بعض الحضور: إذا ما أنتجت حكومة إسرائيليَّة متطرِّفة تخلُف الحكومة المتطرِّفة الحاليَّة، هل من المصلحة لنا أن ندين هذا التطرُّف؟ وهل هذه الإدانة ستقرّبنا من المسلمين وتعمل على حمايتنا في الولايات المتَّحدة؟
أجاب قبَّاني قائلًا: (علينا أولًا أن نرى إن كان الافتراض صحيحًا، وهل ستكون هناك حكومة متطرفة أم لا، وما هو تعريف التطرف وغير التطرف.. هذه قضيِّة راجعة للشَّعب الإسرائيلي، ولذا لا أستطيع القول بأن الحكومة متطرِّفة أم لا.. هذا راجع للشعب الإسرائيلي..)([8]). هذا هو كلام أكبر صُّوفيٍ في الولايات المتَّحدة الأمريكيَّة!!
سأل أحد الطُّرُقيِّين الشَّيخ عبد الحميد بن باديس / قائلًا له: مالك تجافينا؟ فرد عليه ابن باديس أنَّه ليس ما يؤاخذه عليهم-أي: الصُّوفية- سوى ارتباطهم بالاستعمار، ونصحه بالقول: «تحرَّروا من فرنسا، ويداي ممدودتان لكم»([9]).
أمَّا ما يتعلق بزيارة قبَّاني لأوزبكِستان فقد كشفَت مصادر أوزبكِية([10]) عن تنظيم السلطات الأوزبكِية حاليًا لحملة دعائيَّة واسعة تشارك فيها وسائل الإعلام الرسميَّة على أوسع نطاق تهدف إلى الترويج لحرص النَّظام والرَّئيس (كريموف) على الإسلام، وقد فوجئ الشَّعب الأوزبكيُّ بأن الذي يقود هذه الحملة رجلٌ من خارج أوزبكِستان يدعى (محمَّد هشام قبَّاني)، ويتميَّز بلباسه القريب من لباس الجماعات الصُّوفيَّة، ويعرّف نفسه في وسائل الإعلام الأوزبكيَّة بأنه رئيس (المجلس الإسلامي الأعلى) في الولايات المتَّحدة الأمريكيَّة.
وقد تعرَّف عليه الرَّئيس (كريموف) خلال حضوره قمة الألفيَّة الأخيرة في الولايات المتحدة، بعدها قام هذا الرجل بثلاث زيارات لأوزبكِستان أُحيطت بدعاية إعلاميَّة واسعة.
حيث كانت زيارته الأولى في سبتمبر الماضي، وشارك في مؤتمر (السَّلام بين الأديان) الذي عقد في العاصمة الأوزبكيَّة (طشقَند) وخلال هذا المؤتمر برز بين المؤتمرين بتصـريحاتٍ غريبةٍ لاقت اهتمام وسائل الإعلام وزعم فيها: أنَّ الرئيس (كريموف) هو ظلُّ الله في الأرض!!([11])، وأنَّه نعمة كبرى أنعم الله بها على أوزبكِستان؛ ولذا فإنَّ كلَّ من يعارضه فهو عاصٍ فاسقٌ كافر!! كما أفتى بأنَّ المسلم يكفيه من الإسلام النطق بالشَّهادتين ولا يلزمه بعد ذلك صومٌ ولا صلاةٌ؛ فالإسلام في القلب وكفى، كما أفتى بجواز عدم ارتداء الحجاب!
وكرَّر محمَّد هشام قبَّاني زيارته لأوزبكِستان في ديسمبر الماضي، مصطحبًا معه شيخه (محمَّد ناظم حقَّاني)، وقد احتفى بهما الرئيس (كريموف) ووسائل الإعلام.
وفي أواخر إبريل الماضي قام قبَّاني بزيارته الثالثة، مصطحبًا معه وفدًا يضمُّ (120) شخصًا، وقد انتشر أعضاء هذا الوفد في المدن والقرى الأوزبكِية في لقاءات جماهيريَّة مع البسطاء من النَّاس، مردِّدين نفس دعاوى (قبَّاني) عن (كريموف)، والأفكار نفسها التي تزعُم أنَّه يكفي المسلم من الإسلام النُّطق بالشَّهادتين ولا يكون عليه تكاليف بعد ذلك، كما أنَّه لا يتحمل وزرًا إذا شرب الخمر أو زنى... إلخ!([12]).
وقد أحدثت هذه الأفكار بلبلةً بين عامة المسلمين الذين تعدُّ معرفتهم بالإسلام يسيرة؛ بسبب فترة الانقطاع عن الدِّين لفترة طويلة خلال الحكم القَيصَري ثم الحكم الشُّيوعي([13]).
ونودُّ أن نُنبِّه هنا أن هذا الرجل لا يعدُّ حالة فردية في الطُّرقيَّة المعاصرين بل يعدُّ أنموذجًا لحالة معمَّمة بين نشطاء الطُّرقية –ذات التوجُّه الأمريكي -ونحن إنَّما استطْردنا في ذكر كيده لأهل السُّنة وفي تأصيله الضَّلالة والإضلال لنقيس ما طُوِيَ على ما ذُكِر.
الهوامش:
([1]) ولد برنارد لويس في لندن عام (1916م)، وهو مستشرق بريطاني الأصل، يهودي الديانة، صهيوني الانتماء، أمريكي الجنسية، تخرج من جامعة لندن سنة (1936م)، ودرس في باريس، وتتلمذ على كل من ماسينيون الذي كان يعنى عناية خاصة بتاريخ الفرق الإسلامية وبالتصوف، وعلى هاملتون جب الذي نال على يديه الدكتوراه عن أطروحته في تاريخ الإسماعيلية، وهو يعد مستشارًا مسموع الرأي عند المحافظين الجدد في الإدارة الأمريكية، وقد خصه بوول وولفيتز بتحية مدوية خلال حفل تكريمي أقيم = =له في تل أبيب في مارس (2002م) بقوله: (علَّمنا برنارد لويس كيف نفهم التاريخ المعقد والمهم للشرق الأوسط واستخدامه ليقودنا نحو المرحلة الجدية لبناء عالم أفضل للأجيال الصاعدة) وقد قام لويس بقيادة الإدارة نحو مرحلة جديدة في العراق، وكان قد أوضح أن اجتياح هذا البلد سيخلق فجرًا جديدًا بينما ستستقبل القوات الأمريكية كقوات تحرير، وقد كان من المبشرين بصدام الحضارات منذ عام (1957م). يقول الأستاذ جلال أمين عن برنارد: (..رجل نشر في الستين عامًا الماضية عددًا كبيرًا من الكتب التاريخية عن العرب والمسلمين والشرق الأوسط، تفصح عن علم واسع وانكباب طويل على المصادر التاريخية الأصيلة ما أكسبه شهرة كمؤرخ خبير بأي شيء يتعلق بالإسلام، ولكن لا رغبة عنده ألبتة في ذكر الحقيقة الكاملة عن الإسلام بل لديه دافع قوي للغاية- بسبب ولائه للصهيونية -لذكر ما يسيء إلى الإسلام والمسلمين). انظر: مجلة لوموند ديبلوماتيك الفرنسية في (10/9/2004م) وانظر أيضًا: صحيفة الوطن الاثنين (5/شوال /1426هـ- الموافق 7/نوفمبر/2005م) العدد: (1856) وللتوسع حول هذا الرجل انظر: منهج المستشرق برنارد لويس في دراسة الجوانب الفكرية في التاريخ الإسلامي رسالة دكتوراه في الاستشراق الحديث والمعاصر للدكتور مازن صلاح مطبقاني، كلية الدعوة -جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالمدينة المنورة- رمضان (1414هـ).
([2]) هو عبد الله الفائز الداغستاني ولد عام (1309هـ) من النَّقْشَبنديِّين المعاصرين، من أقواله: (إذا تكلمت بما وُضع في قلبي من المعرفة الإلهية لقام حتى الأولياء بقطع رقبتي). ويقول: (دخلت العزلة مع أمر بأن أستحم كل يوم ست مرات بالماء البارد، وأن أحافظ على كل واجباتي اليومية من الأوراد، بالإضافة لذلك من سبعة إلى خمسة عشر جزءًا من القرآن، وأن أكرر اسم الله (148.000) مرة، والصلاة على الرسول ^ (24.000) مرة). بعد هذه العزلة عاد الشيخ عبد الله لرؤية والدته أسبوعًا أو أسبوعين، ثم ذهب إلى الحرب فيما سمي حينئذ بسفر برلك، وهناك أصيب بطلقة قاتلة في قلبه، ولكن الرسول جاء وأخبره قائلًا: (يا بني، لقد كان مقدرًا لك أن تموت هنا، ولكننا ما نزال بحاجة لك على هذه الأرض، بروحك وجسدك، وسأريك كيف يموت الإنسان، وكيف يأخذ ملك الموت روحه) وبعد هذه التجربة الفريدة، وبعد رؤية الجنان السبع والجحيم، قال له الرسول ^: (يا بني! سوف أعيدك الآن إلى الأرض وإلى جسدك)!! وله الكثير من الضلال والزندقة، نسأل الله السلامة.. انظر ترجمته في كتاب النقشبندية المعاصرة (ص:82).
([3]) انظر مثلًا: http://www.sunnah.org/about/shaykh_muhammad_hisham_kabbani.htm
([9]) انظر: لقاء للشيخ عبد الرحمن شيبان –رئيس جمعية العلماء المسلمين- مع صحيفة البيان - الخميس (27 أكتوبر 2005م)، (24 رمضان 1426هـ) السنة السادسة والعشرون، العدد (9262).
([10]) انظر: موقع أوزبكستان المسلمة:
http://www.muslimuzbekistan.com/arb/arabic.htm..
وانظر: أيضًا إسلام أون لاين.نت (10-5-2001م) Islam on line.net)).
([11]) أفادت مصادر أوزبكية: أن السلطات الأوزبكية أغلقت حتى الآن (3400) مسجد من بين (5) آلاف، وحوّلت معظمها إلى: متاحف ومقاهٍ ومكتبات ومصحات، ومن بين هذه المساجد مسجد (قوقاند) وهو من المساجد العريقة والمشهورة، والذي حُوّل إلى متحف في العهد الشيوعي، ثم فتح للصلاة في عهد (جورباتشوف)، لكنه عاد متحفًا في العهد الحالي مرة أخرى! كما أغلقت (35) مدرسة إسلامية من بين (40) مدرسة وكانت السلطات قد استدعت في وقت سابق وبقرار مفاجئ جميع الطلاب الذين يدرسون في بلاد إسلامية سواء كانت دراستهم في العلوم الدينية أو العلوم المدنية، وعددهم (160) طالبًا من الدارسين في الأزهر و(2000) طالب كانوا يدرسون في الجامعات التركية، و(40) طالبًا في السعودية، وتم إدخالهم السجون عقب عودتهم مباشرة بتهمة اعتناق الفكر الوهابي.
وتضيف المصادر: أنه تم التشديد على حظر إطلاق اللحية خاصة بين الشباب، وسمح بها فقط لأئمة المساجد التي حظر عليها إطلاق الأذان للصلاة من خلال مكبرات الصوت، كما تم فصل العشرات من الفتيات والنساء اللاتي رفضن خلع الحجاب من المدارس والوظائف، وقد بلغ عدد المعتقلين في السجون الأوزبكية أكثر من (50) ألف شخص بينهم مائة امرأة، بتهمة اعتناق الأفكار الوهابية (نسبة إلى محمد بن عبد الوهاب). ويعاني هؤلاء المعتقلون -كما تقول المصادر الأوزبكية- تعذيبًا شديدًا يصل إلى درجة الموت، ويتم تسليم جثث قتلى يوميًا إلى ذويهم. فهل من يقوم بهذا هو ظل الله في الأرض؟!!
انظر http://www.muslimuzbekistan.com/arb/arabic.htm. وانظر أيضًا: إسلام أون لاين.نت (10-5-2001م).
([13]) للأسف الشديد فإن هذه المناطق المسلمة تعاني من جهل شديد بأصول الديانة خاصة إبان الحكم الشيوعي، يقول (مصطفى جميل أوغلوا) رئيس الجمعية الوطنية بالقرم عقب انهيار الاتحاد السوفييتي: (نعم لم نعد نعرف كيف نصلي، لكننا نؤمن بالله ربًّا وبسيدنا محمد رسولًا نبيًّا، ونعرف أننا على الإسلام نحيا وعلى الإسلام نموت، لكنا لا نعرف هذا الجمال الذي يملأ قلوبنا والذي في سبيله قاومنا الشيوعية.. إني آمر -الآن- بأن يرفع الأذان في كل المساجد التي أغلقها الشيوعيون ويرفع خمس مرات في اليوم، إلى أن يتعلم شعبنا كيف يصلي، ساعتها يكون الأذان ومعه تقام الصلاة في كل أرجاء بلادنا القرم) ومع هذا الجهل الشديد نرى هذا الرجل متصديًا ومتصدرًا للدعوة هناك!.. انظر: الإسلام في آسيا الوسطى والبلقان محمد حرب، البشائر الإسلامية بيروت (1995م).
اضف تعليق!
اكتب تعليقك
تأكد من إدخال جميع المعلومات المطلوبة.